وَعَنْهَا قَالَتْ «كُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فَيَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَإِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَرْنَ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَرُدُّهُنَّ إلَيَّ»
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ) وَعَنْهَا قَالَتْ «كُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فَيَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَإِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَرْنَ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَرُدُّهُنَّ إلَيَّ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِمَعْنَاهُ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ اللَّعِبُ.
(الثَّانِيَةُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ جَوَازُ اللَّعِبِ بِهِنَّ قَالَ: وَهُنَّ مَخْصُوصَاتٌ مِنْ الصُّوَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَدْرِيبِ النِّسَاءِ فِي صِغَرِهِنَّ لِأَمْرِ أَنْفُسِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ قَالَ: وَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ بَيْعَهُنَّ وَشِرَاءَهُنَّ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ شِرَائِهِنَّ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ الِاكْتِسَابِ بِهَا وَتَنْزِيهِ ذَوِي الْمُرُوآتِ عَنْ تَوَلِّي بَيْعِ ذَلِكَ لَا كَرَاهَةِ اللَّعِبِ، قَالَ: وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ جَوَازُ اللَّعِبِ بِهِنَّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ الصُّوَرِ. انْتَهَى.
وَمُقْتَضَاهُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ مِنْ امْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ صُورَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ مِثْلُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَ الْخَطَّابِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ هَلْ تَمْتَنِعُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا، وَهُوَ أَرْجَحُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: نَعَمْ وَفِي اطِّرَادِ مِثْلِ ذَلِكَ هُنَا نَظَرٌ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُخُولَ مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي بَيْتِهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّعِبُ بِهَا مُبَاحًا لِحِرْصِهِ عَلَى دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ إلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ الْبَنَاتُ جَمْعُ بِنْتٍ وَهُنَّ الْجَوَارِي وَأُضِيفَتْ إلَى اللَّعِبِ وَهِيَ جَمْعُ لُعْبَةٍ وَهُوَ مَا تَلْعَبُ بِهِ الْبَنَاتُ؛ لِأَنَّهُنَّ اللَّوَاتِي يَصْنَعْنَهَا وَيَلْعَبْنَ بِهَا قُلْت الْمُرَادُ بِالْبَنَاتِ هُنَا نَفْسُ اللَّعِبِ وَتَسْمِيَتُهُنَّ بِذَلِكَ مِنْ مَحَاسِنِ التَّشْبِيهِ الصُّورِيِّ كَتَسْمِيَتِهِ الْمَنْقُوشَ فِي الْحَائِطِ أَسَدًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ حُسْنُ خُلُقِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَطِيفُ مُعَاشَرَتِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَمَنْ يَزُورُهَا مِنْ صَوَاحِبِهَا بِتَمْكِينِهَا مِنْ ذَلِكَ وَجَمْعِ مَنْ يُسَاعِدُهَا عَلَى ذَلِكَ عَلَيْهَا وَمَا كَانَ هَذَا إلَّا فِي زَمَانِ الصِّغَرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ.