. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ فِي ذَلِكَ وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: الَّذِي يَدُلُّ لَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إنْ كَانَ تَائِقًا اُسْتُحِبَّ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُبَاحٌ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَا مَكْرُوهٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الْعِرَاقِيِّينَ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ فَوَائِدُ النِّكَاحِ مِنْ النَّسْلِ وَالتَّحْصِينِ وَغَيْرِهِمَا وَانْتَفَتْ عَنْهُ آفَاتُهُ مِنْ تَخْلِيطٍ فِي الْكَسْبِ وَتَقْصِيرٍ فِي حَقِّهِنَّ اُسْتُحِبَّ لَهُ وَعَكْسُهُ الْعُزْلَةُ لَهُ أَفْضَلُ فَإِنْ اجْتَمَعَا اجْتَهَدَ وَعُمِلَ بِالرَّاجِحِ.
(التَّاسِعَةُ) مُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ التَّائِقِ قَادِرًا عَلَى الْمُؤَنِ كَانَ أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا فَأَمَّا غَيْرُ التَّائِقِ فَإِنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ حَالَتَانِ:
(إحْدَاهُمَا) أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ النِّكَاحِ لِعِلَّةٍ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ فَهَذَا يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ.
(الثَّانِيَةُ) أَنْ لَا يَكُونَ عَاجِزًا وَهَذِهِ الْحَالَةُ يَدْخُلُ تَحْتَهَا صُورَتَانِ:
(إحْدَاهُمَا) أَنْ يَكُونَ فَاقِدًا لِمُؤَنِ النِّكَاحِ فَيُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا.
(الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمُؤَنِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَكِنَّ التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ لَهُ أَفْضَلُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ غَيْرَ الْقَادِرِ إمَّا خِلْقَةً أَوْ لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ مُبَاحًا، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَقَدْ اشْتَهَرَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ عِبَادَةً وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ، وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْخِلَافِ نِكَاحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ قَطْعًا قَالَ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ نَقْلُ الشَّرِيعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَنَقْلُ مَحَاسِنِهِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّهُ مُكَمِّلُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.
(الْعَاشِرَةُ) قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: فِيهِ إغْرَاءٌ بِالْغَائِبِ وَمِنْ أُصُولِ النَّحْوِيِّينَ أَنْ لَا يُغْرِيَ بِغَائِبٍ وَقَدْ جَاءَ شَاذًّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: عَلَيْهِ رَجُلًا لَيْسَنِي عَلَى جِهَةِ الْإِغْرَاءِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: هَذَا الْكَلَامُ مَوْجُودٌ لِابْنِ قُتَيْبَةَ وَالزَّجَّاجِيِّ وَلَكِنْ فِيهِ عَلَى قَائِلِهِ أَغَالِيطُ ثَلَاثَةٌ.
(أَوَّلُهَا) قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْإِغْرَاءُ بِالْغَائِبِ وَصَوَابُهُ إغْرَاءُ الْغَائِبِ، فَأَمَّا الْإِغْرَاءُ بِالْغَائِبِ فَجَائِزٌ، وَهَذَا نَصُّ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا كَلَامُ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ وَ (ثَانِيهَا) عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ رَجُلًا لَيْسَنِي مِنْ إغْرَاءِ الْغَائِبِ وَقَدْ جَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ