. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ عُمَرَ هَذَا وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَا أَصَابَ مِنْهُ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ» وَبَوَّبَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَرَافِعِ بْنِ عَمْرٍو وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو (بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَكْلِ الثَّمَرِ لِلْمَارِّ بِهَا) وَبَوَّبَ عَلَى حَدِيثِ سَمُرَةَ (بَابُ حَلْبِ الْمَوَاشِي بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا.)
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَوَّلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَيَعْضُدُهُ حَدِيثُ الصَّحِيحِ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إنْسَانٌ أَوْ طَائِرٌ أَوْ دَابَّةٌ إلَّا كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَهَذَا أَصْلٌ يَعْضُدُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، وَرَأَى سَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَوْلَى بِمِلْكِهِ، وَلَمْ يُطْلِقُوا النَّاسَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ فَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقٍ لَا يَعْدِلُ إلَيْهِ وَلَا يَقْصِدُ فَلْيَأْكُلْ مِنْهُ الْمَارُّ وَمِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ دَارُهُ عَلَى الطَّرِيقِ لِمَا يَكْتَسِبُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَالْمَكَارِمِ، وَاَلَّذِي يَنْتَظِمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ يَأْكُلُ وَالْمُسْتَغْنِي يُمْسِكُ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْحَدِيثُ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ مَحْمَلَيْنِ. (أَحَدُهُمَا) أَنَّ ذَلِكَ فِي بِلَادٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِرِضَاهُمْ بِحَلْبِ مَوَاشِيهِمْ وَأَكْلِ ثِمَارِهِمْ قَالَ وَالْأَحْكَامُ تَجْرِي عَلَى الْعَادَةِ قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَتْ بِلَادُ الشَّامِ قَالَ وَبِلَادُنَا هَذِهِ يَعْنِي الْمَغْرِبَ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْفَقْرُ وَالْبُخْلُ فَلَيْسَتْ عَلَى هَذِهِ السَّبِيلِ إلَّا فِي النَّادِرِ.
(ثَانِيهِمَا) أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ الْمُحْتَاجِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ هَذَا فِي الْمُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ طَعَامًا وَهُوَ يَخَافُ التَّلَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لَهُ فِعْلُ هَذَا وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِأَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْقَاعِدَةِ الْمَعْلُومَةِ أَوْلَى. وَ (ثَانِيهَا) أَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ أَصَحُّ سَنَدًا فَهُوَ أَرْجَحُ. وَ (ثَالِثُهَا) أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ طِيبُ نُفُوسِ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ بِالْعِبَادَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا. وَ (رَابِعُهَا) أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَوْقَاتِ الْمَجَاعَةِ وَالضَّرُورَةِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ مَرَّ بِبُسْتَانِ غَيْرِهِ