. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبُولِ الْحَوَالَةِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى ذَلِكَ حُكْمًا. انْتَهَى.
وَقَالَ بِالْوُجُوبِ أَيْضًا الْحَنَابِلَةُ وَعِبَارَةُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهَا إلَّا عَلَى مَلِيءٍ بِمَالِهِ وَقَوْلُهُ وَنَدَبَهُ فَيُجْبَرُ وَهَلْ تَبْرَأُ ذِمَّةُ مُحِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْوُجُوبُ.
(الثَّالِثُ) أَنَّ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ دُونَ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ فَأَعْلَمَ الشَّارِعُ بِهَذَا الْكَلَامِ صِحَّةَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ وَجَوَازَهَا، وَلَمْ يَطْلُبْ تَحْصِيلَهَا.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ إلَّا عَلَى مَلِيءٍ فَلَوْ أَحَالَهُ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ فَهُوَ فَاسِدٌ وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا كَانَ سَوَاءٌ دَرَى أَنَّهُ غَيْرُ مَلِيءٍ أَمْ لَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْحَوَالَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَلِيءِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمَلِيءِ وَسَكَتَ عَنْ الْحَوَالَةِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَمْ يَأْمُرْ بِقَبُولِهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ بَلْ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى خِيَرَةِ الْمُحَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ عَقَّبَهُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي قَبُولُ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمَلِيءِ؛ لِمَا فِي قَبُولِهَا مِنْ دَفْعِ الظُّلْمِ الْحَاصِلِ بِالْمَطْلِ فَإِنَّهُ قَدْ تَكُونُ مُطَالَبَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ سَهْلَةً عَلَى الْمُحْتَالِ دُونَ الْمُحِيلِ فَفِي قَبُولِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى تَرْكِ الظُّلْمِ.
(ثَانِيهِمَا) أَنَّهُ عَقَّبَ كَوْنَ مَطْلِ الْغَنِيِّ ظُلْمًا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَالَ عَلَى الْمَلِيءِ فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الظُّلْمِ أَوْ لِأَنَّ الْمَلِيءَ لَا يَتَعَذَّرُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ بَلْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ قَهْرًا وَيُوَفِّيهِ فَيَحْصُلُ الْغَرَضُ بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ مِنْ غَيْرِ مَفْسَدَةِ بَقَاءِ الْحَقِّ وَأَوْرَدَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَفْظَ الْحَدِيثِ (فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ) بِالْفَاءِ وَقَالَ: فِي الْحَدِيثِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمَلِيءِ مُعَلَّلٌ بِكَوْنِ مَطْلِ الْغَنِيِّ ظُلْمًا وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِيهِ، فَذَكَرَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَتْهُمَا آنِفًا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي. ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ بِكَوْنِ الْمَطْلِ ظُلْمًا وَعَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي تَكُونُ الْعِلَّةُ عَدَمَ تَوَى الْحَقِّ لَا الظُّلْمِ. اهـ.
وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْأَشْهَرَ فِي الرِّوَايَةِ بِالْوَاوِ وَيُرْوَى بِالْفَاءِ قَالَ: فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مَعَ قَوْلِهِ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ جُمْلَتَانِ لَا تَعَلُّقَ لِلثَّانِيَةِ بِالْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي