. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي ذِكْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ جَرَتْ فِيهِمْ وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُصُولِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا هَلْ شَرْعٌ لَنَا أَمْ لَا وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِذِكْرِهَا بَيَانَ مَنَاقِبِهِمْ وَمُسْلِمٌ أَوْرَدَهَا فِي الْأَقْضِيَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. {الثَّالِثَةُ} الْعَقَارُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الْأَرْضُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا وَحَقِيقَةُ الْعَقَارِ الْأَصْلُ سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنْ الْعُقْرِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَصْلُ وَمِنْهُ عُقْرُ الدَّابَّةِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ الْعَقَارُ الْأَرْضُ وَالضِّيَاعُ وَالنَّخْلُ وَيُقَالُ أَيْضًا فِي الْبَيْتِ عَقَارٌ حَسَنٌ أَيْ مَتَاعٌ وَأَدَاةٌ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْعُقْرُ وَالْعَقَارُ الْمَنْزِلُ وَالضَّيْعَةُ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِالْعَقَارِ النَّخْلَ وَعَقَارُ الْبَيْتِ مَتَاعُهُ وَنَضَدُهُ الَّذِي لَا يُبْتَذَلُ إلَّا فِي الْأَعْيَادِ وَالْحُقُوقِ الْكِبَارِ وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ الْعَقَارُ الْأَصْلُ مِنْ الْمَالِ وَقِيلَ الْمَنْزِلُ وَالضِّيَاعُ وَقِيلَ مَتَاعُ الْبَيْتِ. انْتَهَى.
فَجَعَلَ ذَلِكَ خِلَافًا وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ.
{الرَّابِعَةُ} قَوْلُهُ (وَقَالَ بَائِعُ الْأَرْضِ إنَّمَا بِعْتُك الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا) لَفْظٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ (وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْأَرْضُ) وَهُوَ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَتْ لَهُ الْأَرْضُ قَبْلَ بَيْعِهَا وَاخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ نُسَخُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَفِي أَصْلِنَا (الَّذِي شَرَى الْأَرْضَ) وَحَكَاهَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ رِوَايَةِ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَحَكَاهَا النَّوَوِيُّ عَنْ أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا اشْتَرَى قَالَ الْعُلَمَاءُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَشَرَى هُنَا بِمَعْنَى بَاعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] وَلِهَذَا قَالَ: فَقَالَ الَّذِي شَرَى الْأَرْضَ إنَّمَا بِعْتُك، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ الرِّوَايَةَ التَّالِيَةَ عَنْ غَيْرِ السَّمَرْقَنْدِيِّ قَالَ وَفِيهَا بُعْدٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ هُنَا الْبَائِعُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ مُشْتَرٍ لَا إنْ صَحَّ فِي اشْتَرَى أَنَّهُ مِنْ الْأَضْدَادِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي شَرَى، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ. انْتَهَى.
{الْخَامِسَةُ} قَوْلُهُ (فَتَحَاكَمَا إلَى رَجُلٍ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا حَكَّمَاهُ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا مَنْصُوبًا لِلنَّاسِ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَفِي ظَاهِرِهِ يَكُونُ فِيهِ لِمَالِكٍ حُجَّةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ: إنَّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إذَا حَكَّمَا بَيْنَهُمَا مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْحُكْمِ صَحَّ وَلَزِمَهُمَا حُكْمُهُ مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا سَوَاءٌ وَافَقَ ذَلِكَ الْحُكْمُ رَأْيَ قَاضِي الْبَلَدِ أَوْ خَالَفَهُ وَقَالَ