. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي نَاسِخِهِ فَقِيلَ هُوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وَجَوَابُهُ أَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفَاتِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَاتِ، وَأَنَّ شَرْطَ النَّسْخِ مَعْرِفَةُ التَّارِيخِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا يَقِينٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَيُعْرَفُ التَّارِيخُ فَالْآيَةُ عَامَّةٌ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ خَاصَّةٌ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَقِيلَ: إنَّ النَّاسِخَ لَهُ مَا نَسَخَ الْعُقُوبَاتِ فِي الْغَرَامَاتِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِثْلِ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ شَطْرِ مَالِهِ، وَفِي سَارِقِ التَّمْرِ مِنْ غَيْرِ الْجَرِينِ غَرَامَةٌ مِثْلِيَّةٌ وَجَلَدَاتٌ تُكَالُ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ، وَسِعْرُ اللَّبَنِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ أَرْخَصُ مِنْ سِعْرِ التَّمْرِ، وَالتَّصْرِيَةُ وُجِدَتْ مِنْ الْبَائِعِ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّصْرِيَةِ لَأَشْبَهَ أَنْ يَجْعَلَهُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا شَيْءٍ أَوْ بِمَا يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ اللَّبَنِ بِكُلِّ حَالٍ لَا بِمَا قَدْ تَكُونُ قِيمَتُهُ مِثْلَ قِيمَةِ اللَّبَنِ أَوْ أَكْثَرَ بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْبَيْعِ دُونَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ وَهَلَّا جَعَلَهُ شَبِيهًا بِقَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ حِينَ لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَدِّهِ فَقَضَى فِيهِ بِأَمْرٍ يَنْتَهِي إلَيْهِ؛ ثُمَّ مَنْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ قَضَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُصَرَّاةِ كَانَ قَبْلَ نَسْخِ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ حَتَّى يَجْعَلَهُ مَنْسُوخًا، وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ أَوَاخِرِ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمَلَ خَبَرَ التَّصْرِيَةِ عَنْهُ فِي آخَرِ عُمُرِهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَفْتَى بِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَلَوْ صَارَ إلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا لَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ بِالتَّوَهُّمِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي ادِّعَاءِ النَّسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ إثْبَاتُ النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ، وَقِيلَ نَسَخَهُ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْمُصَرَّاةِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا أَلْزَمْنَاهُ فِي ذِمَّتِهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ كَانَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً وَدَيْنًا بِدَيْنٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا مِنْ الضَّرْبِ الَّذِي تُغْنِي حِكَايَتُهُ عَنْ جَوَابِهِ أَيْ بَيْعٌ جَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى اللَّبَنِ بِالتَّمْرِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ؟ وَمِنْ أَتْلَفَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْئًا فَالْمُتْلِفُ غَيْرُ حَاضِرٍ وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ مِنْ الضَّمَانِ غَيْرُ حَاضِرٍ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ دَيْنًا بِدَيْنٍ حَتَّى لَا نُوجِبَ الضَّمَانَ، وَنَعْدِلَ عَنْ إيجَابِ الضَّمَانِ إلَى حُكْمٍ آخَرَ، وَقَدْ يَكُونُ مَا حَلَبَهُ مِنْ اللَّبَنِ حَاضِرًا