. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَدْ يَدْخُلُ فِي السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ الْإِجَارَةُ أَيْضًا فَإِنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ فِي أَنَّهَا تُقْصَدُ وَيُعْقَدُ عَلَيْهَا وَقَدْ تَدْخُلُ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ تَفْرِيعًا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعٌ فِي اللُّغَةِ، وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِاسْمٍ.
(الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ) وَكَذَلِكَ السَّلَمُ قَدْ يَدْخُلُ فِي السَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ بِأَنْ يَتَّفِقَ شَخْصٌ مَعَ آخَرَ عَلَى السَّلَمِ لَهُ فِي غَلَّةٍ؛ بِسِعْرِ كَذَا وَتَحْصُلُ الْإِجَابَةُ صَرِيحًا فَيَقُولُ شَخْصٌ لِلْمُسَلِّمِ عِنْدِي خَيْرٌ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ أَوْ مِثْلِهَا بِأَنْقَصَ مِنْ هَذَا السِّعْرِ أَوْ يَقُولُ لِمُسْلِمٍ إلَيْهِ أَنَا أُعْطِيك أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُسْلِمُ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْتَحِقُ السَّلَمَ فِي ذَلِكَ بِالْبَيْعِ لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِالْأَعْيَانِ.
وَأَمَّا السَّلَمُ لَمَّا كَانَ بَيْعًا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ تَنَافٍ فَقَدْ يَعْقِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَكِنْ مَتَى تَمَكَّنَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ مِنْ عَقْدِ السَّلَمِ بِرَأْسِ مَالٍ كَثِيرٍ لَا يَعْقِدُهُ بِرَأْسِ مَالٍ قَلِيلٍ فِي الْعَادَةِ فَيَحْصُلُ حِينَئِذٍ الضَّرَرُ وَهَذَا أَرْجَحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِينَ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى جَوَازِهِ لِحَدِيثِ «الدَّيْنُ النَّصِيحَةُ» وَقَالُوا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي مَنْسُوخٌ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَرَدَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّهْيَ الَّذِي هُنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ الْأَمْرِ بِالنَّصِيحَةِ وَيَكُونُ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَلَا يَقْبَلُ النَّسْخَ وَلَا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى قَالَ الْقَفَّالُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ دُونَ الْبَدْوِيِّ.
(الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ) فَسَّرَ أَصْحَابُنَا بَيْعَ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي بِأَنْ يَقْدُمَ إلَى الْبَلَدِ بَلَدِيٌّ أَوْ قَرَوِيٌّ بِسِلْعَةٍ يُرِيدُ بَيْعُهَا بِسِعْرِ الْوَقْتِ لِيَرْجِعَ إلَى وَطَنِهِ فَيَأْتِيَهُ بَلَدِيٌّ فَيَقُولُ ضَعْ مَتَاعَك عِنْدِي لِأَبِيعَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ بِأَغْلَى مِنْ هَذَا السِّعْرِ فَلَمْ يَعْتَدُّوا الْحُكْمَ بِالْبَادِي وَجَعَلُوهُ مَنُوطًا بِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ بَادِيًا أَوْ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي إضْرَارِ أَهْلِ الْبَلَدِ يَتَنَاوَلُ الصُّورَتَيْنِ وَذِكْرُ الْبَادِي مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، وَجَعَلَهُ مَالِكٌ قَيْدًا فَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَنْ أَهْلُ الْبَادِيَةِ؟ قَالَ أَهْلُ الْعَمُودِ قِيلَ لَهُ الْقُرَى الْمَسْكُونَةُ الَّتِي لَا يُفَارِقُهَا