وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» .
الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَزَادَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ (وَأَنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ) وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْقُوبَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي الْمَدَائِنِ قَالَ أَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ التَّخْيِيرِ» قَالَ وَالتَّخْيِيرُ أَنْ يَمْدَحَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا قَالَ التَّخْيِيرُ وَفَسَّرَهُ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ النَّجْشُ. انْتَهَى.
(الثَّانِيَةُ) (النَّجْشُ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ؛ فَسَّرَهُ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ لَا لِرَغْبَةٍ فِيهَا بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ وَيَغُرَّهُ لِيَزِيدَ وَيَشْتَرِيَهَا وَكَذَا فَسَّرَهُ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ كَمَا رَأَيْته فِي الْهِدَايَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُحَرَّرِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ هُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُرِيدَ الشِّرَاءَ لِيُرَغِّبَ غَيْرَهُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ أَنْ يَزِيدَ لِيَغُرَّ وَكَذَا قَالَ صَاحِب الْمُحَرَّرِ إنَّ النَّجْشَ مُزَايَدَةُ مِنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ تَغْرِيرًا لَهُ وَقَيَّدَ التِّرْمِذِيُّ ذَلِكَ فِي جَامِعِهِ بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْوَى وَكَذَا قَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فَوْقَ ثَمَنِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّهُ لَوْ زَادَ فِيهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى قِيمَتِهَا فَهُوَ مَا جَوَّزَ بِذَلِكَ وَكَذَا ذَكَرَ هَذَا التَّقْيِيدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا وَنَقَلَهُ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِهِمْ، وَلِذَلِكَ نَقَلْت عِبَارَتَهُمْ أَوَّلًا.
(الثَّالِثَةُ) أَصْلُ النَّجْشِ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِثَارَةُ وَمِنْهُ نَجَشْتُ الصَّيْدَ أَنَجْشُهُ بِالضَّمِّ نَجْشًا إذَا اسْتَثَرْتَهُ سُمِّيَ النَّاجِشُ فِي السِّلْعَةِ نَاجِشًا لِأَنَّهُ يُثِيرُ الرَّغْبَةَ فِيهَا وَيَرْفَعُ ثَمَنَهَا وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَصْلُ النَّجْشِ الْخَتْلُ