. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَّفِقَانِ هُنَا؛ لِكَوْنِهِ أَضَافَ الْمَسْجِدَ إلَيْهِ وَأَشَارَ إلَى الْمَوْجُودِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَلَوْ كَانَ لَفْظُهُ (مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ هَذَا) لَكَانَ مِنْ تَعَارُضِ الِاسْمِ وَالْإِشَارَةِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا فِي تَارِيخِ الْمَدِينَةِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَوْ انْتَهَى إلَى الْجَبَّانَةِ لَكَانَ الْكُلُّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَوْ زِيدَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَا زِيدَ كَانَ الْكُلُّ مَسْجِدِي» وَفِي رِوَايَةٍ «لَوْ بُنِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ إلَى صَنْعَاءَ كَانَ مَسْجِدِي» ، وَعَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ (لَوْ مُدَّ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ لَكَانَ مِنْهُ) وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَوْصِلِيُّ بَلَغَنِي عَنْ ثِقَاتٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَا زِيدَ فِي مَسْجِدِي فَهُوَ مِنْهُ وَلَوْ بَلَغَ مَا بَلَغَ» فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَهُوَ بُشْرَى حَسَنَةٌ.

(الثَّامِنَةُ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ التَّضْعِيفُ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا زِيدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَعُمُّ الْكُلَّ بَلْ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ التَّضْعِيفَ يَعُمُّ جَمِيعَ مَكَّةَ بَلْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْحَرَمِ الَّذِي يَحْرُمُ صَيْدُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَرْبَعَ اسْتِعْمَالَاتٍ (أَحَدُهَا) نَفْسُ الْكَعْبَةِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] .

(الثَّانِي) الْكَعْبَةُ، وَمَا حَوْلَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] فَالْمُرَادُ نَفْسُ الْمَسْجِدِ فِي قَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ وَفِي الصَّحِيحِ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَقِيلَ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ وَقِيلَ مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ عَلَى هَذَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَكَّةَ.

(الثَّالِثُ) جَمِيعُ مَكَّةَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: 27] قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَعِظَمُ الْقَصْدِ هُنَا إنَّمَا هُوَ مَكَّةُ.

(الرَّابِعُ) جَمِيعُ الْحَرَمِ الَّذِي يَحْرُمُ صَيْدُهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [التوبة: 7] وَإِنَّمَا كَانَ عَهْدُهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحَرَمِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّهُ الْحَرَمُ جَمِيعُهُ.

(التَّاسِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ وَهَذَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الثَّوَابِ فَثَوَابُ صَلَاةٍ فِيهِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُ وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى الْإِجْزَاءِ عَنْ الْفَوَائِتِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ صَلَاةً لَمْ تُجِزْهُ عَنْهُمَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015