. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ أَبُوهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إنَّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا» قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ هَذَا تَوْهِينًا لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا شَكًّا فِيهَا
بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ وَحَرْثٍ اعْتَنَى بِذَلِكَ وَحَفِظَهُ وَأَتْقَنَهُ وَالْعَادَةُ أَنَّ الْمُبْتَلَى بِشَيْءٍ يُتْقِنُهُ مَا لَا يُتْقِنُهُ غَيْرُهُ وَيَتَعَرَّفُ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا لَا يَتَعَرَّفُهُ غَيْرُهُ. وَتَقَدَّمَ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ذِكْرُ الزَّرْعِ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ هُوَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا سَمِعَهَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَحَقَّقَهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهَا عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَزَادَهَا فِي حَدِيثِهِ الَّذِي كَانَ يَرْوِيهِ بِدُونِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَذَكَّرَ فِي وَقْتٍ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَوَاهَا وَنَسِيَهَا فِي وَقْتٍ فَتَرَكَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَيْسَ مُنْفَرِدًا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ وَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي رِوَايَتِهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ انْفَرَدَ بِهَا لَكَانَتْ مَقْبُولَةً مُرْضِيَّةً مُكَرَّمَةً انْتَهَى. وَقَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِهَذِهِ الْمَنَافِعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الِاصْطِيَادُ بِهِ وَحِفْظُ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ وَاخْتَلَفُوا فِي اقْتِنَائِهِ لِخَصْلَةٍ رَابِعَةٍ وَهِيَ اقْتِنَاؤُهُ لِحِفْظِ الدُّورِ وَالدُّرُوبِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِالنَّهْيِ إلَّا لِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ: يَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى الثَّلَاثَةِ عَمَلًا بِالْعِلَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْحَدِيثِ وَهِيَ الْحَاجَةُ.
(الثَّالِثَةُ) لَوْ أَرَادَ اتِّخَاذَ كَلْبٍ لِيَصْطَادَ بِهِ إذَا أَرَادَ، وَلَا يَصْطَادُ بِهِ فِي الْحَالِ أَوْ لِيَحْفَظَ الزَّرْعَ أَوْ الْمَاشِيَةَ إذَا صَارَ لَهُ ذَلِكَ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ فَإِنَّهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ يَصْطَدْ بِهِ فِي الْحَالِ.
(الرَّابِعَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ اقْتِنَاءِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الِاصْطِيَادُ بِهِ فِي الْحَالِ وَلَا فِيمَا بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ أَنَّهُ اقْتَنَى كَلْبَ صَيْدٍ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيهِ وَجْهَيْنِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْقَطْعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَنَاهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَأَشْبَهَ غَيْرَهُ مِنْ الْكِلَابِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ إلَّا كَلْبًا يَصْطَادُ بِهِ.
(الْخَامِسَةُ) فَلَوْ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُحْسِنُ الصَّيْدَ لَكِنْ يَقْصِدُ تَعْلِيمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا جَازَ وَإِنْ كَانَ جَرْوًا يُرَبَّى ثُمَّ يُعَلَّمُ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ أَيْضًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ