. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ثُمَّ دَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ وَنَاوَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ» وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُبْهَمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ؛ لِكَوْنِهِ أَنْصَارِيًّا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَلَا يُقَالُ لَهُ أَعْرَابِيٌّ؛ لِأَنَّ الْأَعْرَابَ سُكَّانُ الْبَوَادِي فَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهَا عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَجْلِسِ الْعَالِمِ أَوْ الْكَبِيرِ وَجَلَسَ فِي مَكَانٍ عَالٍ لَا يُنَحَّى عَنْهُ لِمَجِيءِ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَيَجْلِسُ ذَلِكَ الْجَائِي حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ وَلَوْ كَانَ دُونَ مَجْلِسِ مَنْ هُوَ دُونَهُ.
1 -
(الْخَامِسَةُ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ الْبُدَاءَةُ فِي الشُّرْبِ وَنَحْوِهِ بِمَنْ هُوَ عَلَى يَمِينِ الْكَبِيرِ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ عَلَى يَسَارِهِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ اسْتِحْبَابٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ إلَى وُجُوبِهِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ مُنَاوَلَةُ غَيْرِ الْأَيْمَنِ إلَّا بِإِذْنِ الْأَيْمَنِ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُنَاوِلَ أَحَدًا فَلَهُ ذَلِكَ.
(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْأَحَقُّ الْأَيْمَنُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ وَوَجْهُ النَّصْبِ وَهُوَ أَشْهَرُ إضْمَارُ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَعْطِ الْأَيْمَنَ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
(السَّابِعَةُ) بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ أَنَّ هَذَا سُنَّةُ الشُّرْبِ الْعَامَّةِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَأَنَّ تَقْدِيمَ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ لَيْسَ لِمَعْنًى فِيهِ بَلْ لِمَعْنًى فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَهُوَ فَضْلُهَا عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ وَفِي ذَلِكَ تَطْيِيبٌ لِخَاطِرِ مَنْ هُوَ عَلَى الْيَسَارِ بِإِعْلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَرْجِيحًا لِمَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِينِ بَلْ هُوَ تَرْجِيحٌ لِجِهَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّامِنَةُ) الْحَدِيثُ فِي الشُّرْبِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِ بَلْ الْأَكْلُ وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْأَيْمَنِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالشَّرَابِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَصِحُّ هَذَا عَنْ مَالِكٍ، وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرَهُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي الشُّرْبِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ فِي غَيْرِهِ بِالْقِيَاسِ لَا بِسُنَّةٍ مَنْصُوصَةٍ فِيهِ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَكَيْفَ كَانَ فَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّيَامُنِ فِي الشَّرَابِ وَأَشْبَاهِهِ.
(التَّاسِعَةُ) إنْ قُلْت هَلْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْأَعْرَابِيِّ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ؟ (قُلْت) لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ عَلَى التَّصْرِيحِ