. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَبْعَةٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ أَمْرًا مُطَّرِدًا فِي حَقِّ كُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَافِرٍ فَقَدْ يَكُونُ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَأْكُلُ كَثِيرًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ أَوْ لِعَارِضٍ وَيَكُونُ فِي الْكُفَّارِ مَنْ يَعْتَادُ قِلَّةَ الْأَكْلِ إمَّا لِمُرَاعَاةِ الصِّحَّةِ كَالْأَطِبَّاءِ أَوْ لِلتَّقَلُّلِ كَالرُّهْبَانِ أَوْ لِضَعْفِ الْمَعِدَةِ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالسَّبْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ دُونَ التَّحْدِيدِ.
" الرَّابِعُ " أَنَّ هَذَا تَحْضِيضٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِلَّةِ الْأَكْلِ إذَا عَلِمُوا أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ الْإِيمَانِ؛ وَتَنْفِيرٌ مِنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ إذَا عَلِمُوا أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْكُفَّارِ؛ فَإِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ تَنْفِرُ مِنْ الِاتِّصَافِ بِصِفَةِ الْكُفَّارِ وَهَذَا كَمَا قَالَ - تَعَالَى - {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12] الْخَامِسُ " أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُسَمِّي اللَّهَ - تَعَالَى - عِنْدَ طَعَامِهِ فَلَا يُشْرِكُهُ الشَّيْطَانُ فِيهِ فَيَقِلُّ أَكْلُهُ لِذَلِكَ وَالْكَافِرُ لَا يُسَمِّي اللَّهَ - تَعَالَى - فَيُشَارِكُهُ الشَّيْطَانُ فِيهِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ» السَّادِسُ " أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْمِنِ هُنَا تَامُّ الْإِيمَانِ الْمُعْرِضِ عَنْ الشَّهَوَاتِ الْمُقْتَصِرِ عَلَى سَدِّ خَلَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْمُتَعَدِّي فِي طُغْيَانِهِ الْمُنْهَمِكِ عَلَى الدُّنْيَا الشَّدِيدِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْآخِرَةِ فَأُرِيدَ مُؤْمِنٌ بِوَصْفٍ مَخْصُوصٍ، وَكَافِرٌ بِوَصْفٍ " السَّابِعُ " قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَأَنَّ أَكْثَرَ الْكُفَّارِ يَأْكُلُونَ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعَةِ مِثْلُ مَعِي الْمُؤْمِنِ.
(الرَّابِعَةُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْأَمْعَاءِ السَّبْعَةِ فَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ أَنَّ أَمْعَاءَ الْإِنْسَانِ سَبْعَةٌ الْمَعِدَةُ ثُمَّ ثَلَاثَةُ أَمْعَاءٍ بَعْدَهَا مُتَّصِلَةٌ بِهَا الْبَوَّابُ وَالصَّائِمُ وَالرَّقِيقُ وَهِيَ كُلُّهَا رِقَاقٌ ثُمَّ ثَلَاثَةٌ غِلَاظٌ الْأَعْوَرُ وَالْقُولُونُ وَالْمُسْتَقِيمُ وَطَرَفُهُ الدُّبُرُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ:
سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ لِكُلِّ آدَمِيٍّ ... مَعِدَةٌ بَوَّابُهَا مَعَ صَائِمٍ
ثُمَّ الرَّقِيقُ أَعْوَرُ قَوْلُونُ مَعَ ... الْمُسْتَقِيمِ مَسْلَكُ الْمَطَاعِمِ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ الْكَافِرَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بَعْضَ الْكُفَّارِ أَوْ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهُمْ بِشَرَهِهِ وَجَشَعِهِ وَلَا يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى أَكْلِهِ لَا يُشْبِعُهُ إلَّا مَلْءُ أَمْعَائِهِ السَّبْعَةِ