. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَزِيدَ بْنِ عَبْدٍ الْمُزَنِيّ مُرْسَلًا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ» وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ بِزِيَادَةٍ «عَنْ أَبِيهِ» وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْحَسَنَ وَقَتَادَةَ انْفَرَدُوا بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُمَا وَأَنْكَرَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَصْحَابِنَا اقْتِصَارَهُمْ عَلَى كَرَاهَةِ لَطْخِ رَأْسِ الْمَوْلُودِ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ وَقَالَ الْمَشْهُورُ تَحْرِيمُ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ كَسَقْيِهِ الْخَمْرَ وَإِدْخَالِ فَرْجِهِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي فِي اللَّطْخِ مِثْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ جَوَابًا عَلَى طَرِيقَةِ الْجَوَازِ قَالَ وَقَدْ بَالَغَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْإِقْنَاعِ فَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَطْخُ جَبْهَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى انْتَهَى
(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) إنْ قُلْت كَانَ يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ لَفْظِ الْعَقِيقَةِ إلَى لَفْظِ النَّسِيكَةِ وَنَحْوِهَا «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْعَقِيقَةِ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ» (قُلْت) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ الْوَاجِبُ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يُقَالَ لِذَبِيحَةِ الْمَوْلُودِ نَسِيكَةٌ وَلَا يُقَالُ عَقِيقَةٌ لَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِهِ وَكَأَنَّهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ لِمَا صَحَّ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِهِ مِنْ لَفْظِ الْعَقِيقَةِ انْتَهَى.
(قُلْت) لَفْظُ نَسِيكَةٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَقِيقَةِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهَا وَلَا دَلَالَةَ لِلْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ فَهْمِ الرَّاوِي وَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَكَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَقِيقَةِ لِئَلَّا يَسْتَرْسِلَ السَّائِلُ فِي اسْتِحْسَانِ كُلِّ مَا اجْتَمَعَ مَعَ الْعَقِيقَةِ فِي الِاشْتِقَاقِ فَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَحْبُوبٌ وَبَعْضَهَا مَكْرُوهٌ وَهَذَا مِنْ الِاحْتِرَاسِ الْحَسَنِ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِالْبَيَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ بِحَسَبِ أَحْوَالِ الْمُخَاطَبِينَ فِي الْعِلْمِ وَضِدِّهِ فَيُبَيِّنُ لِلْجَاهِلِ وَيَسْكُتُ عَنْ الْبَيَانِ لِلْعَالِمِ وَلَعَلَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَنْ احْتَاجَ إلَى الْبَيَانِ لِأَجْلِهِ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو صَاحِبُ فَهْمٍ وَعِلْمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ