. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِرَانِ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهَا وَثَبَتَتْ صِحَّتُهَا إذْ مَنْ وَصَفَ الْقِرَانِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا أَلْبَتَّةَ وَكَانَ الرُّوَاةُ لِلْقِرَانِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ سِتَّةٌ مَدَنِيُّونَ وَوَاحِدٌ مَكِّيٌّ وَاثْنَانِ بَصْرِيَّانِ وَثَلَاثَةٌ كُوفِيُّونَ وَبِدُونِ هَذَا النَّقْلِ تَصِحُّ الْأَخْبَارُ صِحَّةً تَرْفَعُ الشَّكَّ وَتُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَصَحَّ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ وَكَانَتْ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا مَنْ ادَّعَى الْإِفْرَادَ وَالتَّمَتُّعَ غَيْرَ مُخَالِفَةٍ لِرِوَايَةِ الَّذِينَ رَوَوْا الْقِرَانَ وَلَا دَافِعَةً لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَعَلَيْهِ مُؤَاخَذَاتٌ:
(مِنْهَا) قَوْلُهُ أَنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ انْفَرَدَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ بِقَوْلِهِ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا هُوَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حِبَّانَ فِي فَوَائِدِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْرَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَّ» . ثُمَّ قَالَ وَالِدِي وَهَذَا الَّذِي جَمَعَ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ «أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ» . وَهَذَا مُنَافٍ لِإِحْرَامِهِ بِهِمَا مَعًا فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ انْتَهَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ اخْتَارَ الْقِرَانَ وَتَأَوَّلَ بَاقِيَ الْأَحَادِيثِ، وَتَأْوِيلُ بَعْضِهَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيمَا قَالَهُ وَالصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحْرَمَ أَوَّلًا بِالْحَجِّ مُفْرِدًا ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ فَصَارَ قَارِنًا فَمَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ اعْتَمَدَ أَوَّلَ الْإِحْرَامِ وَمَنْ رَوَى قَارِنًا اعْتَمَدَ آخِرَهُ. وَمَنْ رَوَى مُتَمَتِّعًا أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَالِالْتِذَاذُ وَقَدْ انْتَفَعَ بِأَنْ كَفَاهُ عَنْ النُّسُكَيْنِ فِعْلٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِعَمَلٍ قَالَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْته أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَعْتَمِرْ تِلْكَ السَّنَةَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً لَا قَبْلَ الْحَجِّ وَلَا بَعْدَهُ. وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ عُمْرَةٍ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ جَعَلْت حَجَّتَهُ مُفْرَدَةً لَزِمَ مِنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ اعْتَمَرَ تِلْكَ السَّنَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْحَجَّ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ، قُلْت سَيَأْتِي عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْمُتَوَلِّي تَرْجِيحُ الْإِفْرَادِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ تِلْكَ السَّنَةَ. وَمِنْ