. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرَهُ الزِّيَادَةَ وَهِيَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَلَا يُنْكَرُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ التَّنَاقُضُ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ نَافِيًا لِقَوْلِ صَاحِبِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مُثْبَتًا لَهُ وَزَائِدًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ.
قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ فَيَقُولُ لَهُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّلْقِينِ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ فِيهَا تَكَاذُبٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا سَهْلٌ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَقَدْ رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إحْرَامًا مَوْقُوفًا وَخَرَجَ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ عُمْرَةً وَأَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحُجَّ» انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَوْسَعُهُمْ نَفْسًا فِي ذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَلْفِ وَرَقَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ ثُمَّ الْمُهَلَّبُ وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُرَابِطِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ.
وَأَوْلَى مَا يُقَالُ فِي هَذَا عَلَى مَا فَحَصْنَاهُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاخْتَرْنَاهُ مِنْ اخْتِيَارَاتِهِمْ مِمَّا هُوَ أَجْمَعُ لِلرِّوَايَاتِ وَأَشْبَهُ بِمَسَاقِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ لِلنَّاسِ فِعْلَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِيَدُلَّ عَلَى جَوَازِ جَمِيعِهَا إذْ لَوْ أَمَرَ بِوَاحِدٍ لَكَانَ غَيْرُهُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فَأُضِيفَ الْجَمِيعُ إلَيْهِ وَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَأَبَاحَهُ لَهُ وَنَسَبَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا لِأَمْرِهِ بِهِ وَإِمَّا لِتَأْوِيلِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إحْرَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ فَأَخَذَ بِالْأَفْضَلِ فَأَحْرَمَ مُفْرِدًا لِلْحَجِّ تَظَاهَرَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَمَعْنَاهَا أَمَرَ بِهِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا فَإِخْبَارٌ عَنْ حَالَتِهِ الثَّانِيَةِ لَا عَنْ ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ بَلْ إخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ حَجِّهِمْ وَقَلْبِهِ إلَى عُمْرَةٍ لِمُخَالِفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَكَانَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فِي آخِرِ إحْرَامِهِمْ قَارِنِينَ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ أَرْدَفُوا الْحَجَّ بِالْعُمْرَةِ وَفَعَلَ ذَلِكَ مُوَاسَاةً لِأَصْحَابِهِ وَتَأْنِيسًا لَهُمْ فِي فِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُنْكَرَةً عِنْدَهُمْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَلُّلُ مَعَهُمْ بِسَبَبِ الْهَدْيِ وَاعْتَذَرَ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي تَرْكِ مُوَاسَاتِهِمْ فَصَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَارِنًا