. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسَاوَاةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ، وَفِي الْفَرْعِ هُنَا زِيَادَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الْإِلْحَاقِ وَهِيَ الْمَشَقَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْغُسْلِ وَالطَّبْخِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِخْدَامِهَا فِي الْأَمْرِ الْخَفِيفِ احْتِمَالُ ذَلِكَ فِي الثَّقِيلِ الشَّدِيدِ وَلَسْنَا نُنْكِرُ هَذَا الْحُكْمَ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّاسِعَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمَا احْتَاجَ إلَى إخْرَاجِ رَأْسِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً وَلَكَانَ يَخْرُجُ بِجُمْلَتِهِ لِيَفْعَلَ حَاجَتَهُ مِنْ تَسْرِيحِ رَأْسِهِ فِي بَيْتِهِ، وَقَدْ أَكَّدَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا فِعْلٌ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ بَيَّنَ بِهِ الِاعْتِكَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الِاعْتِكَافِ وَهَيْئَتُهُ الْمَشْرُوعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْعَاشِرَةُ) وَفِيهِ أَنَّ إخْرَاجَ الرَّأْسِ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَتُقَاسُ بِهِ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي الْأَيْمَانِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَأَدْخَلَ فِيهِ بَعْضَ أَعْضَائِهِ كَرَأْسِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَبِهَذَا صَرَّحَ أَصْحَابُنَا، فَقَالُوا لَوْ أَدْخَلَ فِي الدَّارِ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ مَدَّ رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهُمَا الدَّارَ وَهُوَ خَارِجُهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا وَضَعَهُمَا فِي الدَّارِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا أَوْ حَصَلَ فِي الدَّارِ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ وَكَذَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلًا وَاحِدَةً إنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْخَارِجَةِ أَيْ كَانَ قَوَّاهُ عَلَيْهَا بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ الدَّاخِلَةَ لَمْ يَسْقُطْ فَلَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الدَّاخِلَةِ فَقَدْ دَخَلَ وَهُوَ حَسَنٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ. لَوْ اضْطَجَعَ وَأَخْرَجَ بَعْضَ بَدَنِهِ فَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْأَكْثَرِ بِالْمِسَاحَةِ وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُهُ بِالْفِعْلِ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرِّجْلِ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تَكُنْ تَعْتَكِفُ مَعَهُ كُلَّمَا كَانَ يَعْتَكِفُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِالرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ حَائِضًا وَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ اعْتِكَافِهَا، وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمُمَاسَّةِ الْحَائِضِ فِي تَرْجِيلِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَغَسْلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ