مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ، وَلَزِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَكَرِهَ أَنْ يُقِيمَ بِبَلَدٍ يُعْرَفُ بِهِ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: أَبُو عَمْرٍو الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ كَانَ ثِقَةً، مُجْتَهِدًا، وَرِعًا، لا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ كَثِيرٌ، سَمِعَ مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَمِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، وَمِنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، وَمِنَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَمِنَ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ، أَحْسَبُهُ سَمِعَ مِنْهُ لَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ إِفْرِيقِيَّةَ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَإِنَّمَا رَوَى (جَامِعَ سُفْيَانَ الْكَبِيرَ) الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ: قُومُوا بِنَا نَذْهَبُ إِلَى ابْنِ خَارِجَةَ، عَنْبَسَةَ بْنِ خَارِجَةَ، نَسْمَعُ مِنْهُ جَامِعَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، يَعْنِي: جَامِعَهُ فِي الرَّأْيِ، وَقَدْ سَمِعَ الْبُهْلُولُ مِنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِمَكَّةَ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَلَقَدْ ذَكَرَ حَمْدِيسٌ الْقَطَّانُ، أَنَّهُ سَمِعَ سُحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: كَانَ الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ، وَرَبَاحُ بْنُ يَزِيدَ، فَكَانَ الذِّكْرُ لِرَبَاحٍ، فَلَمَّا مَاتَ عَادَ الذِّكْرُ لِلْبُهْلُولِ، فَمَا ذَاكَ إِلا مِنْ خَبِيئَةٍ، كَانَتْ لِلْبُهْلُولِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّبَّادُ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الْبُهْلُولِ، أَنَّهُ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ رَبَاحُ بْنُ يَزِيدَ، فَبَيْنَمَا هُمَا فِي مَكَانِهِمَا إِذْ أَقْبَلَ بَقِيَّةُ أَخُو الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَجَعَلَ يَلْهَجُ بِخَبَرِ الْمَطَرِ وَالزَّرْعِ، وَالْبُهْلُولُ يَتَقَلَّى، وَيَتْلَوَّنُ اغْتِمَامًا لِرَبَاحٍ لِعِلْمِهِ