قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَارِسِيُّ، كَانَ مِنْ أَهْلِ تُونُسَ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا حَافِظًا لِلْحَدِيثِ، لَقِيَ جَمَاعَةً مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، مِنْهُمْ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، وَبَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ مُحَدِّثِي الأَمْصَارِ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَأَحْسَبُهُ لَقِيَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، لأَنَّهُ كَانَتْ رِحْلَتُهُ وَرِحْلَةُ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَمَا أُحْصِي عِدَّةَ مَنْ لَقِيَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكُ بْنُ عِيسَى: قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ: مَا كَانَ عِنْدَكُمْ، يَعْنِي: بِإِفْرِيقِيَّةَ، مُحَدِّثٌ إِلا عَبَّاسُ بْنُ الْفَارِسِيِّ، وَمُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ تَمِيمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُمْ رُبَّمَا وَجَدُوا فِي آخِرِ بَعْضِ كُتُبِ عَبَّاسِ بْنِ الْفَارِسِيِّ دَرَسْتُهُ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَكَانَ قَدْ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ، لَمَّا دَخَلَتْ تُونُسُ فِي حَرْبِ مَنْصُورٍ الطُّنْبُذِيِّ، وَذَلِكَ لَمَّا دَخَلَ جَيْشُ زِيَادَةِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَغْلَبِ، وَلَمْ يَكُنْ قَاتَلَ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ، فَخَرَجَ بِسَيْفِهِ وَهُوَ يَصِيحُ: الْجِهَادَ الْجِهَادَ، فَقُتِلَ حِينَئِذٍ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، وَطَافُوا بِرَأْسِهِ فِي سِمَاطِ الْقَيْرَوَانِ، وَقُلُنْسِيَتُهُ قَدْ خِيطَتْ إِلَى أُذُنَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَقَالَ لِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ تَمِيمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّي عُبَيْدُ بْنُ تَمِيمٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي غُرْفَةٍ مُطِلَّةٍ عَلَى الْخَرِبَةِ الَّتِي أُلْقِيَتْ فِيهَا جُثَّةُ عَبَّاسِ بْنِ الْفَارِسِيِّ، وَكُنْتُ أَرَى عَلَى جُثَّتِهِ مِصْبَاحًا أَوْ كَالْمِصْبَاحِ، قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَقَالَ لِي أَبِي، وَحَدَّثَنِي صَبْرَةُ، مَوْلًى لَنَا، قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ جُثَّةِ عَبَّاسِ بْنِ الْفَارِسِيِّ كَلْبًا أَبْيَضَ يَمْنَعُ الْكِلابَ أَنْ تَدْنُوَ مِنْ جُثَّتِهِ، وَكَانَتْ