مُحَمَّد السيري فرتبه إِمَامًا ومدرسا فِي مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِمَدِينَة إب وأضاف إِلَيْهِ خطْبَة الْجَامِع الْمُبَارك وولاه الْقَضَاء على السحول وَمَا إِلَيْهِ وقابله بِمَا يُقَابل بِهِ مثله ثمَّ استقام بوظيفة الْقَضَاء بِمَدِينَة إب بعد ذَلِك فَبَقيَ على ذَلِك حَتَّى توفّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَعشْرين وثمانمئة وَدفن جنوبي قبر الشَّيْخ حسام الدّين الْمَشْهُور فَوق السايلة ملاصقا لَهُ وَكَانَ دأبه التَّحْصِيل والتدريس وَاجْتمعَ لَهُ من الْكتب جملَة صَالِحَة وَكَانَ رَحمَه الله أبلغ أهل وقته وأفصحهم فِي الشّعْر وَالْخطْبَة فَكَانَ لوعظه موقع فِي الْقُلُوب فَمن شعره مَا وبخ بِهِ نَفسه وحثها على القناعة بعد أَن كتب مَا رَأَيْته مَنْقُولًا بِخَطِّهِ هَذِه أَبْيَات سمح بهَا الخاطر الموتور المذعور عرضت حَال تكالب أهل الْوَقْت على الْأَسْبَاب عُمُوما لَا خُصُوصا وترددهم إِلَى أَبْوَاب الْأُمَرَاء والمتصرفين حَتَّى استهجنوا وانتقصوا وَلَو أَن أهل الْعلم صانوه لصانهم وَهِي
(اقنع تعز وَلَا قناعة فِي تعز ... إِلَّا إِذا استبدلت عَنْهَا أَرض عز)
(فِي حَيْثُ لَا طمع بِهِ طبع وَلَا ... يُؤْتى إِلَى بَاب الْفُجُور المستعز)
(لَا خير فِي فَخر ينَال بذلة ... وَالْخَيْر فِي خفض إِذا هُوَ جا بعز)
(فَإِذا قنعت وَلم تكن تَأتي إِلَى ... الْملك الْعَزِيز فَإنَّك الْملك الْمعز)
وَله غير ذَلِك من النّظم البديع مِمَّا قد ذكرته فِي الأَصْل فَكَانَ يمِيل إِلَى مَذْهَب التصوف كثيرا وَكَانَ شَيْخه فِي ذَلِك الإِمَام الْعَلامَة صَاحب الطَّرِيقَة فِي وقته عفيف الدّين عبد الله بن عمر المسن صَاحب ذبحان وَقد أثنى عَلَيْهِ نظما ونثرا وَقد رأى لَهُ بعض الْفُضَلَاء رُؤْيا حَسَنَة تدل على فَضله وَرَأَيْت فِي بعض التَّعَالِيق أَن