ورزق مَالا كثيرا فشرى الْأَرَاضِي بِهَذَا الْمَكَان وبوادي حدبه أَعلَى عَنهُ الْبَلَد الْمَعْرُوفَة وَكَذَلِكَ بِبَلَد بني سرحه فأوقفها الْجَمِيع طعما للوافدين إِلَى رِبَاط المعاين وَجعل مِنْهُ شَيْئا للدرسة المقيمين برباطه وَجعل ذُريَّته فِيهَا كآحاد النَّاس فَكَانَت الضيوف تفد عَلَيْهِ فيكرمهم واجتهد بِالْعبَادَة وَالصِّيَام وَالْقِيَام وَقصد لكل مُهِمّ واشتهر بالصلاح
فَمن كراماته أَن بعض الزائرين فِي حَيَاته لما أشرف من ابلان على رِبَاط المعاين وجد نَاسا كثيرا هُنَالك فَقَالَ مَا هَذِه هَيْئَة التصوف بل هَيْئَة ملك فَلَمَّا وصل إِلَى عِنْد الشَّيْخ كاشفه وَقَالَ لَهُ استكثرت علينا مَا رَأَيْت أما تعلم أننا نَحن مُلُوك الدُّنْيَا وسادات الْآخِرَة أَو كَمَا قَالَ وَمِنْهَا غير ذَلِك فِي حَيَاته مِمَّا يطول ذكره وَقد ذكرتها فِي الأَصْل
وَأما كراماته بعد وَفَاته فَإِن الله جعل هَذَا الرِّبَاط حرما آمنا يأوي إِلَيْهِ كل خَائِف فَيَأْمَن وتوضع الْأَمْوَال الجليلة فَلَا يخَاف عَلَيْهَا من أحد وَلم تزل الْحَرْب فِيمَا بَين أهل بعدان والشوافي وَكَذَلِكَ بَينهم وَبَين الْمُلُوك فَلَا يقدر أحد على أَن يُغير شَيْئا على أهل هَذَا الرِّبَاط وعَلى الْجُمْلَة فكرامات هَذَا الشَّيْخ كَثِيرَة لَا تَنْحَصِر وَهِي مَشْهُورَة فَلَا نطيل بذكرها
وَمن ذُرِّيَّة هَذَا الشَّيْخ جمال الدّين الْفَقِيه الْعَالم الصَّالح صارم الدّين دَاوُد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن بشر كَانَ فَقِيها صوفيا عَالما عَاملا جمع بَين طريقتي الشَّرِيعَة والحقيقة وَاجْتمعَ لَهُ من الْكتب شَيْء كثير درس وَأفْتى وَأكْرم الضَّيْف وَأحسن إِلَى الْوَافِد وَقصد للمهمات ولازم التِّلَاوَة وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة يس لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى سمي صَاحب يس فغلب عَلَيْهِ واشتهر بِهَذَا الِاسْم وَكَانَ واعظا