بِتِلْكَ الْجِهَات فصرفها الإِمَام رَضِي الدّين فِي مصارفها وواساه من مَاله الْحَلَال بِمَا كَفاهُ فَأَقَامَ الإِمَام رَضِي الدّين بشنين يدرس ويفتي ويجتهد فِي الْعِبَادَة فانتشر ذكره وقصدته طلبة الْعلم الشريف من وصاب وَمن بيضًا حصي وَمن حَضرمَوْت وَمن المخاليف جَمِيعهَا فَكَانَ يُقْرِئهُمْ من الْعُلُوم ويقريهم الطَّعَام وَفتحت لَهُ الدُّنْيَا فَكَانَ ملبسه مِنْهَا إِزَار ورداء فَلَا يتعمم وَلَا يتطيلس زهدا مِنْهُ وَإِذا رأى مُحْتَاجا واساه بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَإِذا دخل سوق المخادر فدأبه قضى حوائج الْمُسلمين يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ لمن يعرفهُ وَلمن لَا يعرفهُ وَكَانَ ذَا جاه عريض مَقْبُول الشَّفَاعَة عِنْد كَافَّة الْمَشَايِخ من الْقَبَائِل بجهاته واشتهرت لَهُ كرامات فِي حَيَاته وَبعد وَفَاته شَاهدهَا كثير من النَّاس رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَنَشَأ لَهُ أَوْلَاد أَرْبَعَة نجب مِنْهُم ولدان أَحدهمَا الْفَقِيه الْفَاضِل جمال الدّين مُحَمَّد فَكَانَ هُوَ الَّذِي جمع الْعلم وَالْعَمَل وَالصَّلَاح قَرَأَ على وَالِده بِجَمِيعِ فنون الْعلم وَحصل بِخَطِّهِ من الْكتب مَا لم يقدر عَلَيْهِ أحد من أهل وقته من الشُّرُوح وَغَيرهَا ضَبطهَا أحسن ضبط وَكَانَ يكْتب الْمُصحف الْكَرِيم فيفرغه بِثَلَاثَة أَيَّام رَحل بِأَمْر وَالِده إِلَى مَدِينَة تعز للْقِرَاءَة على الإِمَام الريمي فلازمه وَكَانَ من أجل تلامذته وَلم يزل الْفَقِيه جمال الدّين يلتقط فَوَائِد الإِمَام الريمي مُجْتَهدا بِالْقِرَاءَةِ والتحصيل إِلَى أَن ورد عَلَيْهِ أَمر وَالِده بِرُجُوعِهِ إِلَى شنين وأعلمه أَن عَمه المقرىء شمس الدّين توفّي إِلَى رَحْمَة الله وَأمره بالانتقال إِلَى النضاري للتدريس وَالْفَتْوَى بمَكَان عَمه فَفعل بعد أَن ودع الإِمَام