خمس وَسبعين وَهُوَ يترقى فِي الْعلم دَرَجَة بِدَرَجَة وَالظَّاهِر من حَاله بُلُوغ النِّهَايَة

وَمن أهل عدن الشَّيْخ الْفَاضِل جمال الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المغربي الأندلسي الشهير بالشماع هَذَا الشَّيْخ لَهُ الباع الأطول المديد وَالثنَاء الَّذِي لَا فَوْقه مزِيد والمعرفة الَّتِي يشْهد لَهَا الْقَرِيب والبعيد وَذَلِكَ بفن الْأَدَب والرسائل وَكِتَابَة الْإِنْشَاء والمسائل سهل الْأَلْفَاظ عذب الْكَلَام أوحد البلغاء وَأشهر الفصحاء أخبر أَنه وَفد جده تَاجِرًا فسكن مَدِينَة عدن أَيَّامًا ثمَّ سَافر إِلَى المليبار فَتوفي هُنَالك وَبَقِي وَلَده إِبْرَاهِيم بعدن مجالسا للْعُلَمَاء وَكَانَ يجمع الْكتب ويحضر عِنْد حفاظ الحَدِيث فَنَشَأَ لَهُ هَذَا الشَّيْخ جمال الدّين فَتخرج بِجَمِيعِ الْعُلُوم على الإِمَام جمال الدّين أَحْمد بن عمر بن خَالِد خطيب الثغر المحروس وَقَرَأَ على غَيره كَالْإِمَامِ جمال الدّين مُحَمَّد بن سعيد بن كبن فغلب عَلَيْهِ علم الْأَدَب وَهُوَ مَعَ ذَلِك يشْتَغل الشمع وَيتَعَلَّق بِالْبيعِ وَالشِّرَاء لَا يقطعهُ ذَلِك عَن الِاشْتِغَال بفن الْأَدَب وَجمع كتابا يحتوي على فُصُول فِيمَا يَحْتَاجهُ الْإِنْسَان من العقائد الدِّينِيَّة وَالْقَوَاعِد الإسلامية وَفِي أدعية وعزائم مجربة مَشْهُورَة وَفِي أَحَادِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومواعظ من أَقْوَال الْعلمَاء والحكماء وَفِي حكايات وأخبار عَن السّلف وَفِي أشعار ومكاتبات ورسائل وَغير ذَلِك وَله شعر جمعه فِي ديوَان فِي مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومكاتبات وأشعار بَينه وَبَين أقرانه من أهل الْأَدَب وَذكرت بعض ذَلِك فِي الأَصْل وَقد حدث على هَذَا الْفَقِيه جمال الدّين مرض الفالج فَصَارَ كالمقعد فِي بَيته وخالط عقله بعض خلل فِيهِ وَكتب هَذَا الْمَجْمُوع وَهُوَ فِي قيد الْحَيَاة على الْحَال الْمَذْكُور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015