فِي مبادىء أمره ثمَّ اتَّصل بِصُحْبَة الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الجبرتي وَصَارَ من كبار أَصْحَابه الْمشَار إِلَيْهِم وَحج على قدمه مرَارًا هُوَ وَالشَّيْخ أَحْمد الرداد وجد واجتهد فِي سلوك سَبِيل الْقَوْم حَتَّى صَار من رجال الطَّرِيق وَكَانَت أوقاته موزعة الأوراد والدعوات وَالصِّيَام وَالصَّلَاة وَسمع جملَة من كتب الحَدِيث والتصوف على القَاضِي مجد الدّين وَغَيره وَقَرَأَ من لَفظه عوارف المعارف على الشَّيْخ غياث الدّين الْهِنْدِيّ بِجَامِع زبيد وَكَانَ ملازما لمطالعة كتب التَّفْسِير وَالرَّقَائِق والتصوف وَصَحب الْملك الْأَشْرَف ثمَّ ابْنه النَّاصِر وَكَانَت لَهُ منزلَة عالية عِنْدهمَا وَكَانَ كثير الْبر وَالصَّدقَات وَيجْرِي على كثير من أَصْحَابه مَا يكفيهم من النَّفَقَة وَملك من الْأَرَاضِي والنخيل شَيْئا كثيرا وَحصل من الْكتب المفيدة مَا لَا يُحْصى وَأَنْشَأَ مدرسة فِي جنب دَاره وأوقف كتبه فِيهَا وَتزَوج السُّلْطَان الظَّاهِر ابْنَته الطاهرة سيدة النَّاس بعد وَفَاة أَبِيهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وثمانمئة وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة تحب فعل الْخَيْر وَتصل أَصْحَاب والدها وتحسن إِلَيْهِم وَكَانَت وَفَاته شهر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَعشْرين وثمانمئة وَقد رثاه بعض الشُّعَرَاء بقصيدة طَوِيلَة قد ذكرتها فِي الأَصْل ذكر فِيهَا مَا مِثَاله
(وَأجل خطب فِي الخطوب مفاجي ... نعيي الْوَلِيّ الصَّالح المزجاجي)
(شيخ الشُّيُوخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد ... كَهْف الصِّفَات وموئل الْمُحْتَاج)
(مُغنِي الْأَيَامَى واليتامى كَفه ... بنواله المتفجر الثجاج)
وَمِنْهُم الإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن شرعان كَانَ إِمَامًا حنفيا سلمت إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّة الرياسة واشتهر بِحل المشكلات وَكَانَ متبحرا متفننا بِجَمِيعِ الْعُلُوم قيل لم يكن فِي وقته بِمَدِينَة زبيد من جمع الْعُلُوم مثله جمع اثْنَيْنِ وَعشْرين فَنًّا من الْعُلُوم شَاركهُ النَّاس بِبَعْضِهَا توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وثمانمئة رَحمَه الله