يحيى الشارفي فَكَانَ أَكثر انتفاعه عَلَيْهِ وَقَرَأَ بالنحو على الإِمَام الْمَقْدِسِي وَغَيره وبالفقه على الإِمَام ابْن فَخر بزبيد وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة من الشُّيُوخ الْكِبَار بِمَكَّة وَالْمَدينَة ومصر ثمَّ اجْتمع بالمقرىء شمس الدّين الْجَزرِي فَقَرَأَ عَلَيْهِ بالقراءات الْعشْر وَأَجَازَ لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى الْيمن فتصدر للتدريس بالقراءات وَسمع الحَدِيث وَالتَّفْسِير على الإِمَام نَفِيس الدّين الْعلوِي وعَلى الإِمَام جمال الدّين بن الْخياط وَكَانَ وحيد عصره فِي علم الْقُرْآن وَفِي إِيضَاح مَا أشكل مِنْهُ ورتب خَطِيبًا بِجَامِع ذِي عدينة وَمد الله فِي عمره حَتَّى أَنه لم يبْق بِمَدِينَة تعز وَمَا قاربها مقرىء إِلَّا وَهُوَ من درسته أَو درسة درسته وَكَانَ جَهورِي الصَّوْت لافظا حَافِظًا ثبتا محققا وَإِذا وعظ وجلت الْقُلُوب لوعظه وشفيت الصُّدُور ببليغ لَفظه وأسكبت الدُّمُوع وَحصل الْخُشُوع ودام على الخطابة والإمامة فِي جَامع ذِي عدينة نَحْو أَرْبَعِينَ سنة يتَوَضَّأ لكل صَلَاة مَفْرُوضَة وَلما اسن وَكبر وَضعف استناب وَلَده بذلك وَأخْبر بعض أَوْلَاده أَنه لما قربت وَفَاته لم يزل يَتْلُو آيَات من الْقُرْآن ويكرر قِرَاءَة قل هُوَ الله أحد ويعلن بِالشَّهَادَتَيْنِ إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِشَهْر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسبعين وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم الشَّيْخ الْأَجَل الصَّالح الْعَلامَة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الْعقيلِيّ الْقرشِي الْمَشْهُور بالجبرتي ذُو المناقب الْمَشْهُورَة والكرامات الْمَذْكُورَة والمآثر المحمودة والخيرات الْمَوْجُودَة الْجَامِع بَين طريقتي الشَّرِيعَة والحقيقة المتمسك من تقوى الله بالعروة الْوَثِيقَة مَحل محط الرّحال ومنتهى الآمال السائر ذكره فِي أقطار الْأَرْضين الطَّائِر ذكره بالكرامات فِي الْآفَاق على مر السنين أوحد الْعباد الْمُجْتَهدين وَأجل الْأَئِمَّة المبرزين وَالْعُلَمَاء الصَّالِحين نَشأ فِي عبَادَة الله تَعَالَى فِي صباه إِلَى أَن أرْضى أَبَاهُ ووفقه الله واجتباه فاق ببراعته وتحقيقه الْأَوَائِل والأواخر وَأقر لَهُ بِالْفَضْلِ الْخَاص وَالْعَام من أهل الدفاتر والمحابر جبلت الْقُلُوب على محبته الَّتِي يُرْجَى بهَا خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ومنح النَّاس من فَضله ومروءته شجرات إحسانه أجمع أهل الْعَصْر على صَلَاحه وَقَطعُوا من كرم الله بفلاحه وَأَنه