مِنْهَا مَا أَخْبرنِي الثِّقَة أَن السُّلْطَان المسعود لما دخل مَدِينَة تعز وَبنى أكمة السِّرَاجِيَّة ورتب بهَا جمع المظفر أهل صَبر وَمن أطاعه وقصدوا السِّرَاجِيَّة ليحرقوا مَا بهَا وَكَانَ بَيت الْفَقِيه جمال الدّين الرعياني على طريقهم فهم الْعَسْكَر بِنَهْب الْبَيْت ورموه بِالْحِجَارَةِ فلمع الْبَرْق فِي وسط النَّهَار من غير سَحَاب وَرَأى ذَلِك من حضر وَانْهَزَمَ أَصْحَاب المظفر فاحترم بَيت الْفَقِيه جمال الدّين من ذَلِك الْيَوْم فَلَمَّا توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قَامَ وَلَده النجيب الْعَالم وجيه الدّين مقَامه فِي التدريس وَالْفَتْوَى بِمَدِينَة تعز وَكَانَ يحفظ كتاب التَّنْبِيه للشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ومنهاج الإِمَام النَّوَوِيّ ومنظومة الْحَاوِي لِابْنِ الوردي والشاطبية وألفية ابْن مَالك وَقرأَهَا على وَالِده وعَلى الْفَقِيه جمال الدّين الْأَكْبَر ابْن الْخياط وأجازوا لَهُ واستقام لولاية الْقَضَاء بجهات جبا وَمَا والاها ثَلَاث سِنِين وَأقَام فِيهَا ودرس وَأفْتى وَقبض أوقافها ثمَّ اعتذر عَن الْقَضَاء بهَا إِلَى من ولاه وَهُوَ السُّلْطَان المسعود فعذره وَرجع إِلَى مَدِينَة تعز
وَقد كَانَت ولَايَة الْقَضَاء بالجانب الْأَسْفَل من مَدِينَة تعز للْقَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر الحريري فَلَمَّا توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى استقام بِولَايَة الْقَضَاء فِي الْموضع الْمَذْكُور هَذَا القَاضِي وجيه الدّين بِأَمْر السُّلْطَان الْمَذْكُور فحسنت سيرته وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ الفرحانية يدرس ويفتي وَيحكم على الْقَاعِدَة الشَّرْعِيَّة إِلَى أَن ملكت السَّادة بَنو طَاهِر الْمَدِينَة جَمِيعهَا فاستقام بِولَايَة الْقَضَاء بهَا القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن دَاوُد الوحصي فَتبقى الْفَقِيه وجيه الدّين الرعياني فِي التدريس وَالْفَتْوَى وَالْعِبَادَة أَيَّامًا إِلَى أَن توفّي بعد وَالِده بأيام قَليلَة وَذَلِكَ سنة أثنتين وَخمسين وثمانمئة رَحمَه الله وَقد كَانَ رأى وَالِده فِي الْمَنَام وَقَالَ لَهُ يَا عبد الرَّحْمَن انْتقل إِلَى عِنْدِي فَمَرض بذلك الْأُسْبُوع أَيَّامًا ثمَّ توفّي وقبر عِنْد وَالِده رحمهمَا الله ونفع بهما