وَمِنْهُم شَيخنَا الصَّالح الإِمَام جمال الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى بن عمر الْحرَازِي الْمَشْهُور بالرعياني كَانَ رَحمَه الله رجلا عَالما عابدا صَالحا ورعا زاهدا أخبر أَنه كَانَ قبل قِرَاءَته زراعا فَنَامَ فِي بعض اللَّيَالِي وَهُوَ يحفظ الزَّرْع فَرَأى فِي النّوم رُؤْيا هاله أمرهَا فانزعج من ذَلِك وَسَأَلَ المعبرين فَلم يشفوه فِي الْجَواب فأهمه ذَلِك وَكَانَ يسكن الْقرْيَة الَّتِي نسب إِلَيْهَا وَهِي رعيان تَحت حصن الحمرا بمخلاف جَعْفَر قَالَ وَكنت وليا لامْرَأَة أَذِنت لي بتزويجها فسرت إِلَى بعض قُضَاة ذِي جبلة لأزوجها عِنْده فَقيل لَهُ أَنِّي أؤخر الصَّلَاة عَن وَقتهَا بِغَيْر عذر شَرْعِي فَقَالَ لي لَا ولَايَة لَك عَلَيْهَا فَقطعت العلائق والعوائق وَطلقت زَوْجَتي وَهِي حَامِل بولدي عبد الرَّحْمَن ولزمت الِاعْتِكَاف والدراسة وَالصَّلَاة بأوقاتها فِي الْجَامِع ونقلت الْقُرْآن أَربع عشرَة مرّة ثمَّ لَزِمت الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط فَقَرَأت وَسمعت عَلَيْهِ التَّنْبِيه وَالْحَاوِي وَغَيره من المسموعات الْفِقْهِيَّة ثمَّ سَافَرت مَكَّة المشرفة فحججت واعتمرت وزرت قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجاورت فِي الْمَدِينَة الشَّرِيفَة نَحْو سنة ثمَّ رجعت إِلَى ذِي جبلة انْتهى كَلَامه

فَلَمَّا توفّي شَيْخه الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط انْتقل إِلَى مَدِينَة إب فَقَرَأَ على القَاضِي ابْن صفي الدّين أَحْمد بن أبي بكر البريهي والفقيه جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله الْكَاهِلِي وَحصل كتبا كَثِيرَة بِخَطِّهِ ضَبطهَا أحسن ضبط وَكَانَ يَصُوم الدَّهْر لَا يفْطر إِلَّا الْأَيَّام الْمنْهِي عَن صَومهَا وَلَا يَأْكُل فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة سوى أَكلَة وَاحِدَة عِنْد الْإِفْطَار وَكَانَ قوته من عمل يَده من تَحْصِيل الْكتب والمصاحف وَكَانَ النَّاس يرغبون إِلَى مَا كتبه ويبالغون فِي ثمنه تبركا بِهِ وَطلب مِنْهُ أهل الْمَدِينَة أَن يقوم بإمامة الْجَامِع فصلى بِهِ إِمَامًا قدر سنة يتَوَضَّأ لكل فَرِيضَة وَعرض عَلَيْهِ مَا شَرطه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015