وَأخْبر أَيْضا أَن وَالِده الْمَذْكُور سَافر إِلَى مَكَّة المشرفة هُوَ وَجَمَاعَة نَحْو عشْرين رجلا فَكَانُوا يصلونَ الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة جمَاعَة فِي أَوْقَاتهَا وركبوا الْبَحْر بجلبة مَعَ جمَاعَة فصاروا نَحْو سبعين نَفرا فَمروا فِي بعض السواحل فوجدوا رجل مجذوبا وَاقِفًا فِي الشَّمْس قَالَ فتقدمت إِلَيْهِ وسلمت عَلَيْهِ وَسَأَلته الدُّعَاء فَقَالَ لي سَلامَة بر وبحر فكررت لَهُ طلب الدُّعَاء فَقَالَ لي لكل وَافد قَرَأَ وقرأكم على الله تَعَالَى الْمَغْفِرَة ثمَّ سألناه ليزدنا من الدُّعَاء فَلم يتَكَلَّم قَالَ فشريت لَهُ شَيْئا من الزَّاد وقربته إِلَيْهِ فَأكل بعضه ثمَّ طرح بَاقِيه للطيور حواليه ثمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرت من بَيْتِي لَهُ عَرِيشًا يكنه من الْمَطَر ويظله من الشَّمْس ثمَّ انصرفت عَنهُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي جِئْت لأزوره وأودعه فَوَجَدته فِي الشَّمْس كَمَا وجدته فِي الْيَوْم الأول وَقد تَفَرَّقت الأخشاب وَمَا إِلَيْهَا الَّذِي جعلت لَهُ عَرِيشًا فطلبت مِنْهُ الدُّعَاء فَتكلم بِمَا تكلم بِهِ الْيَوْم الأول لم يزدْ عَلَيْهِ شَيْئا فسافرنا حَتَّى وصلنا جدة وَكَانَ ناظرها يَوْمئِذٍ الشريف بدر الدّين حُسَيْن بن عجلَان وَهُوَ أَمِير مَكَّة فقابلنا مُقَابلَة حَسَنَة وأعفانا وأعفى التُّجَّار الَّذين صحبونا عَمَّا يعْتَاد عَلَيْهِ من العشور من تجاراتهم وجللنا واحترمنا وكتبت إِلَيْهِ ثَلَاثَة أَبْيَات هِيَ

(بِمَا أجازيك مَا قولي وَمَا عَمَلي ... وَكَيف سعيي وَمَا قوسي وَمَا الْوتر)

(فَإِن مدحت فَإِن النَّاس قد مدحوا ... وَإِن شكرت فَإِن النَّاس قد شكروا)

(لَكِن أمد إِلَى رب السَّمَاء يَدي ... بِأَن يجازيك عني فَهُوَ مقتدر)

ثمَّ إِن الشَّيْخ جمال الدّين الْمَذْكُور قدم مَكَّة المشرفة فحج وزار قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَدِينَة تعز وَبَقِي على الْحَال المرضي من الْعِبَادَة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثمانمئة شَهِيدا من ألم الطَّاعُون رَحمَه الله ونفع بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015