الْحَضْرَمِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَرَأَ عَلَيْهِ فَأجَاز لَهُ بِجَمِيعِ فنون الْعلم ثمَّ سكن المقرىء بقرية شنين مُدَّة يسيرَة وانتقل مِنْهَا إِلَى مَدِينَة إب فأضيف إِلَيْهِ إِمَامَة الْجَامِع والتدريس فِيهِ وَفِي بعض الْمدَارِس هُنَالك وانتهت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي علم الْقرَاءَات السَّبع لبلده
وَأَخْبرنِي من يعرفهُ أَنه كَانَ لَا يمر عَلَيْهِ وَقت من النَّهَار غَالِبا إِلَّا وَهُوَ يقْرَأ فِيهِ أَو يحصل شَيْئا من كتب الْعلم أَو ينْسَخ كتاب الله تَعَالَى وَأَن جمَاعَة من الدرسة كَانَت قراءتهم عَلَيْهِ لَيْلًا لما لم يَتَّسِع لَهُم النَّهَار وَلما أضيف إِلَيْهِ الْإِمَامَة بالجامع كَانَ يصرف مَا حصل لَهُ من الْمَشْرُوط للدرسة وَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا وَكَانَت تحمل إِلَيْهِ الزَّكَاة وَالصَّدَََقَة فيأمر الَّذِي يَأْتِي بهَا يصرفهَا على الْفُقَرَاء والأرامل والمحتاجين وعَلى الْيَتَامَى وَلَا يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا مَعَ شدَّة فقره وَحَاجته وَكَانَ قوته من أُجْرَة نسخه وَمن مغل أَرض قَليلَة كَانَ يملكهَا ويسكن بَيْتا صَغِيرا هُوَ وَأَوْلَاده وَقد عرض عَلَيْهِ السُّكْنَى فِي الدّور الْكِبَار فأباها وَقَالَ الْقَبْر أضيق من ذَلِك وَكَانَ قد يَشْتَهِي من لذيذ الْأَطْعِمَة فَإِذا حضر شَيْء مِنْهَا تَركه وَقَالَ لَا أعطي النَّفس هَواهَا ثمَّ إِنَّه سَافر إِلَى مَكَّة المشرفة فحج وزار مرَارًا وَاجْتمعَ بالشيوخ الْكِبَار هُنَاكَ فَأخذ عَنْهُم وَمِنْهُم من أَخذ عَنهُ كالمقرىء شهَاب الدّين بن عَبَّاس الْآتِي ذكره
وَظَهَرت لَهُ كرامات كَثِيرَة مِنْهَا مَا أَخْبرنِي المقرىء تَقِيّ الدّين عمر بن عِيسَى الْخَطِيب بِمَدِينَة إب وَغَيره قَالُوا كَانَ للمقرىء عفيف الدّين صَاحب من أكَابِر الْبَلَد وَكَانَ تَحْتَهُ زَوْجَة تقهره فاقترحت عَلَيْهِ شَيْئا من الْفَوَاكِه فِي الشتَاء عجز عَن تَحْصِيله فَلم يقدر يدْخل عَلَيْهَا بِغَيْر ذَلِك الشَّيْء فجَاء إِلَى المقرىء وشكا إِلَيْهِ وَهُوَ يعلم أَن المقرىء لَيْسَ مَعَه شَيْء مِنْهُ وَأَنه لَا يُوجد تِلْكَ السَّاعَة بِتِلْكَ الْبَلَد فَدخل