درسة درسته وسلمت لَهُ الرياسة بِهَذَيْنِ الفنين وَأَنه فيهمَا لَا يجارى وَلَا يمارى وَمد الله لَهُ فِي عمره وَبَارك فِيهِ حَتَّى ألحق الأحفاد بالأجداد وانتفع بِهِ الشُّيُوخ وَالْأَوْلَاد ودرس بِهَذَيْنِ الفنين زِيَادَة عَن سِتِّينَ سنة باذلا نَفسه للطلبة وَحفظ الله عَلَيْهِ سَمعه وبصره مَعَ الطعْن بِالسِّنِّ والضعف من أجل حلقته وَله قَوَاعِد وضوابط قررها للمستفيدين يعظم قدرهَا ويجل نَفعهَا وَله الْيَد الطُّولى فِي حل المشكلات وإيضاح الغامضات
وَله شعر وأحاجي تشهد لَهُ بالبلاغة وتوضح أَنه مطبوع على البراعة من ذَلِك مَا ألغزه بِشعرِهِ يمْتَحن بِهِ بعض الطّلبَة فِي اسْم سُلَيْمَان وَقد ذكرته فِي الأَصْل مَعَ زِيَادَة مسَائِل وفوائد وأشعار لَا يحتملها هَذَا الْمُخْتَصر
وَقد أثنى عَلَيْهِ الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط ومدحه بقصيدة أَولهَا
(بِسَمَاع ذكرك كل قلب يطرب ... وبمثل مدحك كل مدح يعذب)
وَهِي طَوِيلَة ذكرتها فِي الأَصْل مَعَ مَا قيل فِيهِ بعد مَوته من المراثي للفقيه بدر الدّين حسن بن عبد الرَّحْمَن الصباحي وَغَيرهَا
توفّي هَذَا الإِمَام جمال الدّين بِشَهْر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وثمانمئة وقبر بمحنطان رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد الْأَوْسَط بن الإِمَام رَضِي الدّين ابْن الْخياط الْمُقدم الذّكر كَانَ إِمَامًا عَالما فَاضلا قَرَأَ على أَخِيه جمال الدّين الْأَكْبَر وَأَجَازَ لَهُ الإِمَام الحريري وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الإِمَام الْفَقِيه عفيف الدّين عَطِيَّة بن عبد الرَّزَّاق وبالفرائض على الإِمَام جمال الدّين الضراسي وَأَجَازَ لَهُ هَؤُلَاءِ واستنابه القَاضِي جمال الدّين الحريري بِالْقضَاءِ فِي مَدِينَة ذِي جبلة ثمَّ اسْتَقل بِهِ مُدَّة ثمَّ انْفَصل عَنهُ ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ وانتقل إِلَى مَدِينَة إب فأضيف إِلَيْهِ من الْأَسْبَاب بهَا مَا يَلِيق بِحَالهِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى ذِي جبلة وَتَوَلَّى الْقَضَاء بهَا إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثمانمئة ورثاه ابْن أَخِيه