مات الأشرف وقدم الكامل إلى دمشق بعد موته، ولي الشيخ تدريس الزاوية الغزّالية بجامع بني أمية، وعزم على ولايته قضاء دمشق، وإرساله في الرسالة إلى بغداد، فمات دون إمضاء ذلك بدمشق، فلما ملك الصالح أيوب بالكرك، ولي الشيخ خطابة الجامع الأموي، فاتفق خروج الصالح أيوب من الكرك، وأخذ ملك مصر من أخيه العادل، فحافد الصالح إسماعيل واعتضد عليه بالفرنج، وسلم إليهم صفد والشقيف، لينصروه على الصالح أيوب فدخل الفرنج دمشق واشتروا الأسلحة لقتال الصالح أيوب، فأنكر الناس ذلك، واستفتوا الشيخ فأفتاهم بتحريم بيع السلاح للفرنج، وجدد دعاءه على المنبر، وكان يدعو به قبل نزوله والناس يؤمنون، وهو: اللهم أبرم لهذه الأمة إبرام رشد تعز فيه أولياءك، وتذلّ فيه أعداءك، ويعمل فيهم بطاعتك، وينهى فيه عن معصيتك. فنقل للصالح عنه ما غيره عليه، فاعتقله ثم أفرج عنه، فأقام مدة ثم خرج من دمشق فلقيه الناصر داود في الفور، وأخذه وأقام عنده بنابلس مدّة، ثم سار إلى القدس حتى جاء الصالح إسماعيل بالفرنج لقتال المصريين، ومرّ بالقدس فقبض على الشيخ واعتقله في خيمة إلى جانبه، فلما انهزم نجا الشيخ وسار إلى القاهرة فأكرمه الصالح أيّوب، وولاه خطابة جامع عمرو وقضاء مصر، وفوّض إليه عمارة المساجد المهجورة، فجرت في ولايته عجائب وغرائب، وعزل نفسه عن الحكم ثم ردّه السلطان فباشر مدة ثم عزل نفسه.

وحكي أن رجلا قال له: رأيتك في النوم تنشد:

وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزّمان فشلت

فقال: أعيش ثلاثا وثمانين سنة، فإن هذا الشّعر لكثيّر عزّة، ولا نسبة بيني وبينه غير السّنّ، أنا سنّيّ وهو شيعيّ، وأنا لست بقصير وهو قصير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015