هذه المهابة حسن البشر في ملقاه، ويكتب خطا حسنا قويا، وفيه يقول أبو الحسين الجزار من أبيات:

سار عبد العزيز في الحكم سيرا ... لم يسره سوى ابن عبد العزيز (?)

عمّنا حكمه بعدل بسيط ... شامل للورى ولفظ وجيز

ولما استقر مقامه بمصر امتنع الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذريّ من الفتيا وقال: كنّا نفتي قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعيّن فيه.

ويحكى أن الشيخ عز الدين في أول أمره كان فقيرا معدما، ولم يشتغل بالعلم إلا على كبر. وذلك أنه كان يبيت في الكلاسة بدمشق، فاحتلم ذات ليلة وكان البرد شديدا فاغتسل في البركة، ونام فاحتلم ثانيا، فعاد فاغتسل، فأغمى عليه من شدة برد الماء، فسمع نداء، با ابن عبد السلام، أتريد العلم أم العمل؟ فقال: أريد العلم، لأنه يهدي إلى العمل، وأصبح فأخذ كتاب «التنبيه» في الفقه فحفظه في مدّة يسيرة، وأقبل على العلم، حتى صار إلى ما صار.

وكان بين الشيخ عبد الله البلتاجيّ وبين الشيخ عزّ الدّين صداقة، وكان يهدي له في كلّ عام هدية، فأرسل إليه مرّة هدية، ومن جملتها جبن في وعاء، فعند ما وصل الرسول بالهدية إلى باب القاهرة انكسر وعاء الجبن وتبدد ما فيه، فبينما هو نائم إذ أتاه ذمّيّ وباعه جبنا بدله وأتى به، فلما بعث بالهدية إلى الشيخ قبلها ورد الجبن، وقال للرسول: يا ولدي ليش تفعل هذا؟ إن التي حلبت لبن الجبن كانت يدها متنجّسة بالخنزير، سلّم على أخي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015