حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فُورَكٍ , قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , قَالَ: ثنا شَاذَّةُ بْنُ الْمِسْوَرِ , قَالَ: ثنا نُصَيْرُ بْنُ الْأَزْهَرِ , قَالَ: ثنا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّاجِيُّ , قَالَ: وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ , عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ " زَعَمَ بِأَنَّ نَمْرُوذَ بْنَ كَنْعَانَ كَتَبَ فِي الْبِلَادِ يَسْتَمِدُّهُمْ لِمُحَارَبَةِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَجَابُوهُ كُلُّهُمْ إِلَّا أَهْلَ أَصْبَهَانَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: نَحْنُ لَا طَاقَةَ لَنَا -[151]- بِمُحَارَبَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ قَالَ رَبِّ السَّمَاءِ قَالَ: فَشَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُمْ فَطَيَّبَ مَاءَهُمْ وَطَيَّبَ فَوَاكِهَهُمْ وَطَيَّبَ هَوَاءَهُمْ " حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رُسْتُمَ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَرْعُورَسْتَةَ , قَالَ: ثنا أَبُو عَلِيِّ ابْنُ أُخْتِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ حُمَيْدِ , ابْنِ أَخِي عُرْوَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: سَارَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي طَلَبِ مَاءِ الْحَيَوَانِ , فَطَافَ الدُّنْيَا بِشَرْقِهَا وَغَرْبِهَا فَأَخَذَ عَلَى الْبَرِّ , ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْبَحْرِ فَبَلَغَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدَعْ مَدِينَةً إِلَّا دَخَلَهَا عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَصْبَهَانَ وَدَخَلَ مَدِينَتَهَا فَلَمْ يَنْزِلْ فِيهَا وَخَرَجَ عَنْهَا حَتَّى بَلَغَ بَابَهَا الشَّرْقِيَّ ثُمَّ دَعَا الْفَعَلَةَ فَقَالَ: احْفِرُوا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ حُفْرَةً حَتَّى تَبْلُغُوا إِلَى الْمَاءِ فَحَفَرُوا خَارِجَ الْبَابِ حُفْرَةً حَتَّى بَلَغُوا الْمَاءَ فِي سَاعَةٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى دَابَّتِهِ فَقَالُوا: قَدْ بَلَغْنَا الْمَاءَ فَقَالَ: اكْبِسُوهَا وَرُدُّوا مَا أَخَرَجْتُمْ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى تُعِيدُوهَا كَمَا كَانَ , فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَلَمْ يَرْمِ مَا أُخْرِجَ وَاحْتَاجَ إِلَى -[152]- زِيَادَةٍ فَقَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ رَدَدْنَا مَا حَفَرْنَا مِنْهُ إِلَى الْمَوْضِعِ فَلَمْ تَسْتَوِ الْحُفْرَةُ وَلَا رَجَعَتْ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: هَذِهِ مَدِينَةٌ قَحْطِيَّةٌ لَا تَخْلُو مِنْ قَحْطِ الْمَطَرِ وَالسِّعْرِ الْغَالِي , ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنْهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَمَضَى وَسَمِعْتُ الطَّحَّانَ يَحْكِي مِرَارًا كَثِيرَةً قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ زُغْبَةَ بِمِصْرَ: بَلَغَنِي يَا أَهْلَ أَصْبَهَانَ أَنَّ سَهْلَكُمْ زَعْفَرَانُ , وَجَبَلَكُمْ عَسَلٌ وَلَكُمْ فِي كُلِّ دَارٍ عَيْنُ مَاءٍ عَذْبٍ , فَقُلْتُ: كَذَلِكَ بَلَدُنَا فَقَالَ: لَا أُصَدِّقُ هَذَا , هَذِهِ الْجَنَّةُ بِعَيْنِهَا وَذُكِرَ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ وَلَّى عَلَى أَصْبَهَانَ وَهْزَاذَ بْنَ يَزْدَادَ

3 -[153]- الْأَنْبَارِيَّ وَكَانَ ابْنَ عَمٍّ لِكَاتِبِهِ فَكَتَبَ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِ مَقَامِهِ بِأَصْبَهَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ كِتَابًا وَصَفَ فِيهِ اخْتِلَالَ حَالِ أَصْبَهَانَ وَيَسْأَلُهُ نَظَرًا لَهُمْ بِبَعْضِ خَرَاجِهِمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي اسْتَعْمَلْتُكَ يَا وَهْزَاذُ عَلَى أَصْبَهَانَ أَوْسَعِ الْمَمْلَكَةِ رُقْعَةً وَعَمَلًا وَأَكْثَرِهَا خَرَاجًا بَعْدَ فَارِسَ , وَالْأَهْوَازِ , وَأَزْكَاهَا أَرْضًا , حَشِيشُهَا الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْدُ , وَجِبَالُهَا الْإِثْمِدُ وَالْفِضَّةُ وَأَشْجَارُهَا الْجَوْزُ , وَاللَّوْزُ , وَالْكُرُومُ الْكَرِيمَةُ , وَالْفَوَاكِهُ الْعَذْبَةُ طَيْرُهَا عَوَامِلُ الْعَسَلِ وَمَاؤُهَا فُرَاتٌ وَخَيْلُهَا الْمَاذِيَانَاتُ الْجِيَادُ أَنْظَفُ بِلَادِ اللَّهِ طَعَامًا , وَأَلْطَفُهَا شَرَابًا وَأَصَحُّهَا تُرَابًا وَأَوْفَقُهَا هَوَاءً , وَأَرْخَصُهَا لَحْمًا وَأَطْوَعُهَا أَهْلًا وَأَكْثَرُهَا صَيْدًا , فَأَنَخْتَ يَا وَهْزَاذُ عَلَيْهَا بِكَلْكَلٍ اضْطُرَّ أَهْلُهَا إِلَى مَسْأَلَتِكَ مَا سَأَلْتَ لَهُمْ لِتَفُوزَ بِمَا يُوضَعُ عَنْهُمْ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَلَا أَبْعَدَكَ عَنْ ظَنِّ السُّوءِ فَسَتَرُدَّ فَتَعْلَمَ , وَإِنْ صَدَقْتَ فِي بَعْضِهِ فَقَدْ أَخْرَبْتَ الْبَلَدَ , أَتَظُنُّ يَا وَهْزَاذُ أَنَّا نُنْفِذُ لَكَ مَا مَوَّهْتَ وَسَحَرْتَ مِنَ الْقَوْلِ وَقَعَدْتَ تُشِيرُ عَلَيْنَا بِهِ , فَعَضَّ يَا وَهْزَاذُ عَلَى غُرْلَةِ أَيْرِ أَبِيكَ وَمُصَّ بَظْرَ أُمِّكَ , فَأَيْمُ اللَّهِ لَتَبْعَثَنَّ إِلَيَّ بِخَرَاجِ أَصْبَهَانَ كُلِّهِ أَوْ لَأَجْعَلَنَّكَ طَوَابِيقَ عَلَى أَبْوَابِ مَدِينَتِهَا فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ أَوْفَقَ الْأَمْرَيْنِ لَهَا أَوْ ذَرْ وَالسَّلَامُ -[154]- وَوُجِدَ فِي كِتَابِ الْأَوَائِلِ قَالَ: فَانْتَفَضُوا بِلَادَ الْمَمْلَكَةِ وَبِقَاعَهَا , فَلَمْ يَجِدُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ بَلَدًا أَجْمَعَ لِمَا طَلَبُوا مِنَ الْفُنُونِ الَّتِي يَخْتَارُونَهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَبُلْدَانِ الْإِقْلِيمِ أَصَحَّهَا تُرْبَةً وَأَقَلَّهَا عُفُونَةً وَأَبْعَدَهَا مِنَ الزَّلَازِلِ وَالْخُسُوفِ , وَأَعْلَكَهَا طِينًا وَأَبْقَاهَا عَلَى الدَّهْرِ بِنَاءً فَلَمْ يَجِدُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ بَلَدًا أَجْمَعَ لِهَذِهِ الْأَوْصَافِ مِنْ أَصْبَهَانَ , ثُمَّ فَتَّشُوا عَنْ بِقَاعِ هَذَا الْبَلَدِ فَلَمْ يَجِدُوا فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ رُسْتَاقِ جَيٍّ , وَلَا وَجَدُوا فِي رُسْتَاقِ جَيٍّ أَجْمَعَ لِمَا رَامَوْهُ مِنْ مَدِينَةِ جَيٍّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015