حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ فُورَكٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ , قَالَ: ثنا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ الْعَنَزِيُّ , قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ الرَّاسِبِيُّ , قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاذٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ , قَالَ " إِنِّي كُنْتُ مِمَّنْ وُلِدَ برامهرمز وَبِهَا نَشَأْتُ , وَأَمَّا أَبِي فَمِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ وَكَانَتْ أُمِّي لَهَا غَنًى وَعَيْشٌ فَأَسْلَمَتْنِي أُمِّي إِلَى الْكُتَّابِ , فَكُنْتُ أَنْطَلِقُ مَعَ غِلْمَانٍ مِنْ قَرْيَتِنَا إِلَى أَنْ دَنَا مِنِّي فَرَاغٌ مِنْ كُتَّابِ الْفَارِسِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْغِلْمَانِ أَكْبَرُ مِنِّي وَلَا -[219]- أَطْوَلُ وَكَانَ ثَمَّ جَبَلٌ فِيهِ كَهْفٌ فِي طَرِيقِنَا فَمَرَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ وَحْدِي فَإِذَا أَنَا فِيهِ بِرَجُلٍ طَوِيلٍ عَلَيْهِ ثِيَابُ شَعْرٍ , نَعْلَاهُ مِنْ شَعْرٍ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ: يَا غُلَامُ تَعْرِفُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ؟ فَقُلْتُ: لَا وَلَا سَمِعْتُ بِهِ , فَقَالَ: أَتَدْرِي مَنْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ؟ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , آمِنْ بِعِيسَى إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ , وَبِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِ اسْمُهُ أَحْمَدُ , أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ غَمِّ الدُّنْيَا إِلَى رَوْحِ الْآخِرَةِ وَنَعِيمِهَا قُلْتُ: مَا نُعَيْمُ الْآخِرَةِ؟ قَالَ: نَعِيمُهَا لَا يَفْنَى وَهَوَانُهَا لَا يَفْنَى , فَرَأَيْتُ الْحَلَاوَةَ وَالنُّورَ يَخْرُجُ مِنْ شَفَتَيْهِ فَعَلِقَهُ فُؤَادِي وَفَارَقْتُ أَصْحَابِي وَجَعَلْتُ لَا أَذْهَبُ وَلَا أَجِيءُ إِلَّا وَحْدِي وَكَانَتْ أُمِّي تُرْسِلُنِي إِلَى الْكُتَّابِ فَأَنْقَطِعُ دُونَهُ وَكَانَ أَوَّلَ مَا عَلَّمَنِي شَهَادَةُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ , وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَالْإِيمَانُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَأَعْطَيْتُهُ ذَلِكَ , وَعَلَّمَنِي الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ وَكَانَ يَقُولُ إِذَا قُمْتُ فِي الصَّلَاةِ فَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ فَإِنِ احْتَوَشَتْكَ النَّارُ فَلَا تَلْتَفِتْ وَإِنْ دَعَتْكَ أُمُّكَ وَأَبُوكَ فِي الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ لَا تَلْتَفِتْ إِلَّا أَنْ يَدْعُوكَ رَسُولٌ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ فَإِنْ دَعَاكَ وَأَنْتَ فِي فَرِيضَةٍ فَاقْطَعْهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْعُوكَ إِلَّا بِوَحْي مِنَ اللَّهِ وَأَمَرَنِي بِطُولِ الْقُنُوتِ وَزَعَمَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ الْأَمَانُ عَلَى الصِّرَاطِ» , وَأَمَرَنِي بِطُولِ السُّجُودِ وَزَعَمَ أَنَّ ثَوَابَ طُولِ السُّجُودِ الْأَمَانُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ , وَقَالَ: لَا تَكُونَنَّ مَازِحًا وَلَا حَادًّا تُسَلِّمُ عَلَيْكَ مَلَائِكَةُ اللَّهِ أَجْمَعِينَ وَقَالَ: لَا تَعْصِيَنَّ فِي -[220]- طَبْعٍ وَلَا عَبَثٍ حَتَّى لَا تُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ , ثُمَّ قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ فَآمِنْ بِهِ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ مِنِّي فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى قَالَ مَنْ سَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ أَوْ لَمْ يَرَهُ كَانَ لَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَافِعًا وَمُصَافِحًا , فَدَخَلَ حَلَاوَةُ الْإِنْجِيلِ فِيِ صَدْرِي وَجَعَلْتُ أَزْدَادُ قُوَّةً , فَأَقَامَ فِي مَكَانِهِ حَوْلَهَا ثُمَّ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّكَ قَدْ أَحْبَبْتَنِي وَأَحْبَبْتُكَ وَإِنَّمَا قَدِمْتُ بِلَادَكُمْ هَذِهِ أَنَّهُ كَانَ لِي بِهَا قَرِيبٌ فَمَاتَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ قَرِيبًا مِنْ قَبْرِهِ أُصَلِّي عَلَيْهِ وَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ بِمَا عَظَّمَ اللَّهُ عَلَيْنَا فِي الْإِنْجِيلِ مِنْ حَقِّ الْقَرَابَةِ , قُلْتُ: فَمَا حَقُّ الْقَرَابَةِ فِي الْإِنْجِيلِ؟ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَ قَرَابَتَهُ فَقَدْ وَصَلَنِي وَمَنْ قَطَعَ قَرَابَتَهُ فَقَدْ قَطَعَنِي , وَإِنَّهُ قَدْ بَدَا لِيَ الشُّخُوصُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَصْحَبَنِي فَأَنَا طَوْعُ يَدَيْكَ قَالَ: قُلْتُ: عَظَّمْتَ حَقَّ الْقَرَابَةِ وَهَاهُنَا وَالِدَتِي وَقَرَابَتِي قَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُهَاجِرَ مُهَاجِرَةَ إِبْرَاهِيمَ " , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ