وكان إذا حضر وقت الصلاة خرج منها وصلى في بعض المساجد القريبة تحرجاً من الصلاة في موضع لحقته شبهة الغصب.

وكان الاضطلاع بأمر النظامية يعني تغيراً في نوع المسؤولية التي حملها أبو إسحاق، فهو من بعض النواحي لم يعد مسئولاً عن تصرفاته وحدها في المدرسة، وإنما للمنصب جعله يغدو " ممتثلاً " للشافعية ببغداد ولهذا نراه يظهر لأول مرة في " مهمة رسمية " عند وفاة القائم سنة 467 وبيعة المقتدي بأمر الله؛ ويخبرنا أن المقتدي كان كبير الاجلال للشيخ أبي إسحاق وأن الشيخ كان سبباً لجعله خليفة، ولكنه لا يوضح كيف كان ذلك؛ وأياً كان الأمر فان هذا القول - إن صح - يدل على أن أبا إسحاق أصبح بحكم منصبه قريباً من رجال الدولة إذا حدث ما يستدعي حضوره وهو موقف لن يعقبه من المتاعب.

وما لبثت المتاعب أن أقبلت، فبيئته بغداد يغلب عليها مذهب أحمد بن حنبل، والمدرسة النظامية معقل للشافعية، ولهذا كان في مقدور المدرسين والوعاظ الشافعيين أن يتخذوها منبراً لبث آرائهم في أتباع المذهب الحنبلي، وحضر إلى المدرسة أبو نصر القسيري (وهو ابن أبي القاسم صاحب الرسالة) سنة 469، كان في طريقه إلى مكة (?) فتكلم على مذهب الأشعري ونصره، وتعرض للحنابلة بالذم ونسبهم إلى التجسيم، فاستاء الحنابلة من ذلك وكان زعيمهم يومئذ الشريف أبو جعفر بن أبي موسى؛ وحاول أبو إسحاق أن يهدئ الحال بين الفريقين، فسأل الشريف أبا جعفر أن يعمل على تلافي الفتنة، ولكن ابن القشيري أخرج الأمر من حيز النظامية إلى الشارع، فقد ذهب إلى أحد المساجد وأخذ يبذل مالاً لليهود علهم أن يسلموا فكان عوام بغداد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015