وكان يقال له: الباز الأشهب، تفقه بأبي القاسم الأنماطي، وأخذ عنه الفقه خلق كثير من الأئمة، وصنف في المذهب ولخصه، ويقال: إن فهرست كتبه تشتمل على أربع مائة مصنف، ورد على من خالف السنن، وكان على مذهب السلف، وتولى القضاء بشيراز، وروى الحديث عن الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وعباس الدوري، وعلي بن إشكاب، وأبي داود السجستاني، وروى عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد الغطريفي، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: كان يفضل على أصحاب الشافعي حتى على المزني، وكان الشيخ أبو حامد
الإسفراييني، يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه، وقال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج، يقول: قَلَّ ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه، ولا يصل إلى معرفة الكلام.
وقال الشيخ أبو علي بن خيران: سمعت أبا العباس بن سريج، يقول: رأيت كأنما مُطِرْنَا كبريتا أحمر فملأت أكمامي، وحجري، فعبر لي أن أرزق علما غزيرا لعزة الكبريت الأحمر، وقال الحاكم: سمعت حسان بن محمد الفقيه، يقول: كنا في مجلس ابن سريج سنة كذا وثلاث مائة فقام إليه شيخ من أهل العلم، فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد، يعني: للأمة، أمر دينها، والله، تعالى، بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين، أبا عبد الله الشافعي، وبعثك على رأس الثلاث مائة، ثم أنشأ يقول:
اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عمر الخليفة ثم حلف السؤدد