فإذا كانت مخلوقة، فكل مخلوق خلق بمخلوق، ولئن أدخلت عليه لأصدقنه، ولأموتن في حديدي هذا، حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في
حديدهم.
قال أبو عمر المستملى: حضرنا مجلس محمد بن يحيى الذهلي، يقرأ علينا كتاب البويطي إليه، وإذا فيه: والذي أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث، لعل الله يخلصني بدعائهم، فإني في الحديد، وقد عجزت عن أداء الفرائض من الطهارة والصلاة، قال: فضج الناس بالبكاء والدعاء له، قلت: وبلغني أنه كان يغتسل يوم الجمعة، ويتطهر، ويتطيب، ويلبس ثيابه، ثم يخرج إلى باب السجن إذا سمع النداء فيرده السجان، ويقول له: ارجع يرحمك الله، فيقول: اللهم إني أجبت داعيك فمنعوني، وقد حكاها الشيخ أبو إسحاق، في الطبقات، عن نقل الساجي عنه، قال أبو بكر الأثرم: كنا في مجلس البويطي، فقرأ
علينا: عن الشافعي، رضي الله عنه، أن التيمم ضربتان، فقلت له: حديث عمار عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن التيمم ضربة واحدة» ، قال: فحك من كتابه، «ضربتان» ، وصيره ضربة على حديث عمار، قال: قال الشافعي: إذا رأيتم عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الثبت، فاضربوا على قولي، وحدثوا بالحديث، فإنه قولي، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: رواها الحافظ أبو بكر بن مردويه، وهذا القول الذي حكى عن القديم: أن التيمم للوجه والكف فحسب، وقال الربيع: كتب إلى البويطي: أن اصبر نفسك للغرباء، وحسن خلقك لأهل حلقتك، فإني لم أزل أسمع الشافعي، رحمه الله، يتمثل بهذا البيت: