ثمَّ ساعدته فولي كِتَابَة السِّرّ بحلب ثمَّ ساعدته فَحَضَرَ إِلَى دمشق على وكَالَة بَيت المَال وَكِتَابَة الدست وَاسْتمرّ بهما إِلَى أَن مَاتَ بالطاعون لَيْلَة عَاشر شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة
وَكَانَت لَهُ همة عالية فِي التَّحْصِيل فَمَا صنف كتابا إِلَّا وسألني فِيهِ عَمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من فقه وَحَدِيث وأصول وَنَحْو لَا سِيمَا أَعْيَان الْعَصْر فَأَنا أَشرت عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ ثمَّ اسْتَعَانَ بِي فِي أَكْثَره وَلما أخرجت مختصري فِي الْأَصْلَيْنِ الْمُسَمّى جمع الْجَوَامِع كتبه بِخَطِّهِ وَصَارَ يحضر الْحلقَة وَهُوَ يقْرَأ عَليّ ويلذ لَهُ التَّقْرِير وسَمعه كُله عَليّ وَرُبمَا شَارك فِي فهم بعضه رَحمَه الله تَعَالَى
كنت أَصْحَبهُ مُنْذُ كنت دون سنّ الْبلُوغ وَكَانَ يكاتبني وأكاتبه وَبِه رغبت فِي الْأَدَب فَرُبمَا وَقع لي شعر رَكِيك من نظم الصّبيان فَكَتبهُ هُوَ عني إِذْ ذَاك وَأَنا ذَاكر بعض مَا بَيْننَا مِمَّا كَانَ فِي صغري ثمَّ لما كَانَ بعد ذَلِك كتب إِلَيّ مرّة وَقد سَافر إِلَى مصر وَلم يودعني
(يَا سيدا سَافَرت عَنهُ وَلم أجد ... جلدي يطاوعني على توديعه)
(إِن غبت عَنْك فَإِن قلبِي حَاضر ... يصف اشتياقي للحمى وربوعه)