أَو كَمَا قَالَ الْحَسَن بْن حُمَيْد

(يَا ناطح الْجَبَل العالي ليُكْلِمَه ... أشفِقْ عَلَى الرَّأْس لَا تُشْفِق عَلَى الْجَبَل)

وَلَقَد أحسن أبوالعتاهية حَيْثُ يَقُول

(وَمن ذَا الَّذِي ينجو من النَّاس سالما ... وَلِلنَّاسِ قَالٌ بالظنون وَقيل)

وَقيل لِابْنِ الْمُبَارك فلَان يتَكَلَّم فِي أَبِي حنيفَة فَأَنْشد

(حسدوك أَن رأوك فضلك اللَّه ... بِمَا فضلت بِهِ النجباء)

وَقيل لأبي عَاصِم النَّبِيل فلَان يتَكَلَّم فِي أَبِي حنيفَة فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ نصيب

(سلمت وَهل حَيّ عَلَى النَّاس يسلم ... )

وَقَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي

(حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا سَعْيه ... فالقوم أَعدَاء لَهُ وخصوم)

ثمَّ قَالَ ابْن عَبْد الْبر فَمن أَرَادَ قبُول قَول الْعلمَاء الثِّقَات بَعضهم فِي بعض فليقبل قَول الصَّحَابَة بَعضهم فِي بعض فَإِن فعل ذَلِك فقد ضل ضلالا بَعيدا

وخسر خسرانا مُبينًا

قَالَ وَإِن لم يفعل وَلنْ يفعل إِن هداه اللَّه وألهمه رشده فليقف عِنْدَمَا شرطناه فِي أَن لَا يقبل فِي صَحِيح الْعَدَالَة الْمَعْلُوم بِالْعلمِ عنايته قَول قَائِل لَا برهَان لَهُ

قلت هَذَا كَلَام ابْن عَبْد الْبر وَهُوَ عَلَى حسنه غير صَاف عَن القذى والكدر فَإِنَّهُ لم يزدْ فِيهِ عَلَى قَوْله إِن من ثبتَتْ عَدَالَته ومعرفته لَا يقبل قَول جارحه إِلَّا ببرهان وَهَذَا قد أَشَارَ إِلَيْهِ الْعلمَاء جَمِيعًا حَيْثُ قَالُوا لَا يقبل الْجرْح إِلَّا مُفَسرًا

فَمَا الَّذِي زَاده ابْن عَبْد الْبر عَلَيْهِم وَإِن أَوْمَأ إِلَى أَن كَلَام النظير فِي النظير وَالْعُلَمَاء بَعضهم فِي بعض مَرْدُود مُطلقًا كَمَا قدمْنَاهُ عَن المبسوطة فليفصح بِهِ ثمَّ هُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ هَذَا عَلَى إِطْلَاقه بل لابد من زِيَادَة عَلَى قَوْلهم إِن الْجرْح مقدم عَلَى التَّعْدِيل

ونقصان من قَوْلهم كَلَام النظير فِي النظير مَرْدُود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015