قُرَيْشٍ نَاشِئًا وَكَهْفُهَا كَهْلا يَفُكُ عَانِيهَا وَيَرِيشُ مُمْلِقَهَا وَيَرْأَبُ شَعَثَهَا حَتَّى حَلَّتْهُ قُلُوبُهَا ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى اتَّخَذَ بِفِنَائِهِ مَسْجِدًا يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَ الْمُبْطِلُونَ وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ وقيذ الجوانج شَجِيَّ النَّشِيجِ فَانْقَصَفَتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ في طغيانهم يعمهون فَأَكْبَرَتْ ذَلِكَ رِجَالاتُ قُرَيْشٍ فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّهَا وَفَوَّقَتْ لَهُ سِهَامَهَا وَانْتَثَلُوهُ غَرَضًا فَمَا فَلَوْا لَهُ صَفَاةً وَلا قَصَفُوا لَهُ قَنَاةً وَمَرَّ عَلَى سِيسَائِهِ حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ وَأَلْقَى بِرُكْبَتَيْهِ وَأَرْسَتْ أَوْتَادُهُ وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَشْتَاتًا وَأَرْسَالا اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما عِنْدَهُ فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ: نَصَبَ الشَّيْطَانُ رَوَاقَهُ وَمَدَّ طَنَبَهُ وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ فَظَنَّتْ رِجَالٌ: أَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُم - وَلاتَ حِينَ الَّذِي يَرْجُونَ - وَآنِي؟ وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ وَرَفَعَ قُطْرَيْهِ فَرَدَّ نَشْرَ الإِسْلامِ عَلَى غُرَّتِهِ وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَبِّهِ وَأَقَامَ أَوْدَهُ بِثَقَافِهِ فَامْذَقَرَّ النِّفَاقُ بِوَطْأَتِهِ وَانْتَاشَ الدِّينَ بِثَقَافِهِ فَلَمَّا أَرَاحَ الحق على أهله وقرر الرؤوس عَلَى كَوَاهِلِهَا وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهُبِّهَا أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ فَسَدَّ ثَلْمَتَهُ بِنَظِيرِهِ فِي الْمَرْحَمَةِ وَشَقِيقِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ ذَاكَ: ابْنُ الْخَطَّابِ لِلَّهِ أُمٌّ حَفَلَتْ لَهُ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ فَفَنَّخَ الْكَفَرَةَ وَدَيَّخَهَا وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ وَبَعَجَ الأَرْضَ وَبَخَعَهَا فَقَاءَتْ أُكُلَهَا وَلَفِظَتْ خَبْأَهَا تَرْأَمُهُ وَيَصْدُفُ عَنْهَا