وروي أن رجلا دعا أبا عثمان إلى ضيافته؛ فلما وافي باب داره قال: " يا أستاذ!، ليس لي وجه لدخولك، وقد ندمت! " فانصرف أبو عثمان. فلما أتى منزله عاد أليه الرجل وقال: " احضر الساعة! ". فقام أبو عثمان ومشى معه؛ فلما وافي باب داره، قال له مثلما قال له في المرة إلاولى؛ ثم فعل به كذلك ثالثاُ ورابعا، وأبو عثمان يحضر وينصرف. فلما كان بعد ذلك اعتذر أليه، وقال: " يا أستاذ!. أنا أردت اختبارك " وأخ يمدحه، ويثنى عليه، ويدعو له؛ وقال له أبو عثمان: " لا تمدحني على خلق تجد مثله مع الكلاب. الكلب إذا دعي حضر، وإذا زجر انزجر ".
وقال الفرغاني: " كنت يوماً امشي خلف دابة أبي عثمان، وكان يوماً وحلاً، فوق في خاطري، وقلت: " هذا الرجل - على هذه الدابة - لا يعلم أنا نجد البرد، ويشق علينا المشي في هذه الأحوال؟! ". قال: فنزل أبو عثمان - في الوقت - عن دابته، وقال لي: " اركب! " فركبت، وجعل أبو عثمان يمشي خلف الدابة، وأنا راكب، وفي قلبي ما فيه، فلما بلغت باب الدار ونزلت، قال لي: " يا فرغاني!. أنت إذا مشيت خلف الدابة وأنا راكب، يكون في قلبي مثل الذي يكون في قلبك وأنا امشي وأنت راكب، أو اشد! ".
والفرغاني هذا خادم أبي عثمان. اسمه محمد بن احمد، وكان صاحب