شاء، وشربَ حتّى رويَ، وشربتُ حتّى رَويتُ، وبتنا ليلتَنا تلك شباعًا [رِواءً] وقد نام صبيانُنا، [قالت:] يقول أَبوه - يعني: زوجها -: واللهِ يا حليمةُ! ما أَراكِ إِلّا قد أَصبت نسمةً مباركةً، قد نامَ صبيُّنا ورَوي.
قالت: ثمَّ خرجنا، قالت: فواللهِ لَخَرَجَتْ أَتاني أَمام الركبِ حتّى إِنّهم ليقولون: ويحك! كُفَّي عنّا، أَليست هذه بأَتانك الّتي خرجتِ عليها؟! فأَقولُ: بلى والله، وهي قدّامنا حتّى قدمنا منازلَنا من حاضر بني سعد بن بكر، فقدمنا على أَجدبِ أَرض [الله]، فوالذي نفس حليمة بيده؛ إِن كانوا لَيَسْرَحون أَغنامَهم إِذا أَصبحوا، ويسرحُ راعي غنمي، فتروحُ بِطانًا لُبَّنًا حُفَّلًا، وتروحُ أَغنامهم جياعًا [هالكةً] ما بها من لبن.
قالت: فنشربُ ما شئنا من اللبن، وما من الحاضر أَحد يحلبُ قطرة ولا يجدها، فيقولون لرعائهم: ويلكم! أَلا تَسرحون حيث يسرحُ راعي حليمة؟! فيسرحون في الشِّعب الّذي يسرحُ فيه، فتروحُ أَغنامهم جياعًا ما بها من لبن، وتروحُ غنمي لُبَّنًا حُفَّلًا.
وكانَ - صلى الله عليه وسلم - يشبُّ في اليوم شباب الصبيَّ في شهر، ويشبُّ في الشهرِ شبابَ الصبي في سنة، فبلغَ سنةً وهو غلامٌ جَفْرٌ.
قالت: فقدمنا على أُمّه فقلت لها، [أ] وقال لها أَبوه: رُدِّي علينا ابني فلنرجع به؛ فإِنّا نخشى عليه وباء مكّة! - قالت: ونحنُ أَضنّ شيءٍ به مما رأينا من بركته - قالت: فلم نزل، حتّى قالت: ارجعا به، فرجعنا به، فمكثَ عندنا شهرين.
قالت: فبينا هو [يلعب] وأَخوه يومًا خلف البيوتِ، يرعيان بَهمًا لنا؛