وأنجب من زوجته الثانية ابنه يوسف، وهو أصغر أولاده وأنجبهم، ولد سنة "580هـ"، وعظ بعد أبيه، وكتب وأتقن حتى ساد أقرانه، وتولى التدريس بالمدرسة المستنظرية، وبنى المدرسة الجوزية بدمشق، وأوقف عليها، ثم صار أستاذ دار الخليفة المستعصم سنة "640 هـ"، حتى قتل مع الخليفة هو وأولاده تاج الدين، وجمال الدين، وشرف الدين على يد التتار سنة "656هـ".
9- محنته:
تعرض ابن الجوزي في شيخوخته لمحنة قاسية كان سببها الرافضة، وقد لخصها الشيخ علي الطنطاوي في مقدمة طبعته لصيد الخاطر فقال رحمه الله:
كان الوزير ابن يونس الحنبلي قد عقد مجلسًا للركن عبد السلام ابن عبد القادر الجيلي1، وأحرقت كتبه، وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأي الأوائل شيء كثير، وذلك بمحضر من ابن الجوزي وغيره من العلماء، وانتزع الوزير مدرسة جده وسلمها إلى ابن الجوزي، فلما ولي الوزارة ابن القصاب -وكان رافضيًّا خبيثًا- سعى في القبض على ابن يونس، وتتبع أصحابه؛ فقال له الركن: أين أنت من ابن الجوزي؟ فإنه ناصبي، ومن أولاد أبي بكر الصديق، فهو من أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي، وأحرقت كتبي بمشورته. فكتب ابن القصاب إلى الخليفة الناصر، وكان الناصر له ميل إلى الشيعة، ولم يكن له ميل آخر أيامه إلى الشيخ أبي الفرج، فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء هذا إلى دار الشيخ، وشتمه وأغلظ عليه، وختم على كتبه وداره، وشتت عياله.
فلما كان في أول الليل، حمل في سفينةٍ، وليس معه إلا عدوه الركن، وعلى الشيخ غلالة بلا سراويل، وعلى رأسه تخفيفة، فأحدر إلى واسط، وكان ناظرها شيعيًّا، فقال له الركن: مَكِّنِّي من عدوي لأرميه في المطمورة2، فزبره3، فقال: يا زنديق! أرميه بقولك؟ هات خط الخليفة، والله لو كان من أهل مذهبي لبذلت روحي ومالي في خدمته.
قال ابن القادسي: لما حضر إلى واسط جمع الناس، وادعى ابن عبد القادر