جَهُولاً} (?) يعم جميع الأمانات من حقوق الله على عباده ومن حقوق العباد بعضهم على بعض ومما يؤتمنون به, ومما يؤيد ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} (?) .
إن لكل شيء علامة, وعلامة النفاق الخيانة, جاء في الحديث النبوي الشريف: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ, وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ, وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) (?) .
الأمانات في الولايات من أكبر الأمانات التي تطوق صاحبها, فمن استعمل العدل وشكر الحق, وتباعد عن ظلم الخلق؛ فقد أدى الأمانة, ومن أسعد اخوانه, وحسن مقاله, وصان نعمته, وأدى فرائضه؛ فقد أدى الأمانة, ومن غش رعيته, واتبع هواه؛ فقد خان أمانته, وفرط في ديانته, جاء في الحديث النبوي الشريف تحذير الولاة من الغش في واجباتهم: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (?) , وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستشعر مسئولية أمانة الخلافة في البحث عن الأمناء والنصحاء فيقول: (أنا مسئول عن أمانتي وما أنا فيه, ومطلع على ما بحضرتي بنفسي إن شاء الله, لا أكله إلى أحد ولا أستطيع ما بعد منه إلا بالأمناء وأهل النصح منكم للعامة, ولست أجعل امامي أحداً سواهم إن شاء الله) (?) , وجاء في الحديث النبوي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين) (?) وفي رواية: (من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فأمر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخل جهنم) (?) , وجاء في رسالة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الأشتر رضي الله عنه: (أنظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنها جماع من شعب الجور والخيانة, وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقاً، وأصح أعراضاً وأقل في المطامع إشراقاً، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً، ثم أَسْبِغ عليهم الرزق فإن ذلك قوة لهم على استصلاح