وَهَذَا كُله يُوجب بِظَاهِرِهِ أَن لَا يدْخل النَّار مُسلم قطّ وَلَا سَبِيل إِلَى القَوْل بذلك للنصوص الَّتِي لَا يُسْتَطَاع دَفعهَا
وَقد أُجِيب على ذَلِك بأجوبة مِنْهَا مَا حُكيَ عَن جمَاعَة من السّلف إِن هَذَا كَانَ قبل أَن تنزل الْفَرَائِض وَأَحْكَام الْأَمر وَالنَّهْي
ولسنا نرتضي هَذَا إِذْ مِنْهَا مَا يعلم بِالنّظرِ إِلَى حَال الرَّاوِي لَهُ كَونه بعد تنزل الْأَحْكَام
وَمِنْهَا أَن المُرَاد مِنْهَا من شهد بِالشَّهَادَتَيْنِ وَأدّى حَقّهمَا وفرائضهما حُكيَ ذَلِك عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَمِنْهَا قَول من قَالَ إِن ذَلِك ورد فِيمَن قَالَ عِنْد التَّوْبَة وَمَات بعْدهَا على ذَلِك
ولي فِي ذَلِك وَجْهَان متجهان هما أقرب إِلَى أَلْفَاظ الْأَحَادِيث وَالله الْمُوفق العاصم
أَحدهمَا أَن مَعْنَاهَا حرم الله عَلَيْهِ نَار جَهَنَّم الخالدة وَحقّ على الله أَن لَا يعذبه بالخلود فِيهَا وَحسن إِطْلَاق ذَلِك بِهَذَا الْمَعْنى لكَونه وَاقعا فِي مُقَابلَة الشّرك الْمُوجب للنار بِوَصْف الخلود فَتكون النَّار وَالْعَذَاب المطلقان فِيهِ رَاجِعين إِلَى النَّار وَالْعَذَاب بذلك الْوَصْف الَّذِي هُوَ وصف الخلود
الثَّانِي أَن المُرَاد فجزاءه تَحْرِيم النَّار عَلَيْهِ أَو وَأَن لَا يعذبه ثمَّ قد لَا يَقع الْجُزْء الْمعَارض من الْمعْصِيَة منع مِنْهُ وَإِطْلَاق ذَلِك كإطلاق ضِدّه فِي ضِدّه كَمَا فِي قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم