وتحضني عليها، ثم تقول: صلِ الصلاة وحدك وهي الفريضة، وصل مع الجماعة وهي النافلة. قال: يا عمرو بن ميمون، قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية، تدري ما الجماعة؟ قلت: لا، قال: إن جمهور الناس الذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك. قال نعيم بن حماد: يعني إذا فسدت الجماعة فعليك ما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ، وعن الحسن قال: السنة – والذي لا إله إلا هو –بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقى، الذين لم يذهبوا مع أهل الأتراف في أرتافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله تعالى فكونوا.

وكان محمد بن أسلم الطوسي –الإمام المتفق على إمامته– من أتبع الناس للسنة في زمانه، حتى قال: ما بلغتني سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت بها، ولقد حرصت على أن أطوف بالبيت راكباً فما مكنت من ذلك.

وسئل بعض أهل العلم في زمانه عن السواد الأعظم الذين جاء فيهم الحديث: "إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم": من السواد الأعظم؟ قال: محمد بن أسلم الطوسي هو السواد الأعظم. اهـ

وقال ابن حجر المكي مستند الخصم في الفتاوى: فإن قلت هذا القول الثالث ينسب إلى الأكثر، وقد قالوا إن الخطأ إلى القليل أقرب منه إلى الكثير، قلت: وإنه يتعين الإفتاء بما عليه الأكثر، محل ذلك ما لم يتضح أن الأكثر استروحوا كما هنا، فإنهم تمسكوا بالظواهر مع عدم الالتفات للدلائل الواضحة التي تدل على القول الأول والثاني، فوجب المصير إلى ما عليه الأقل، لأنهم أئمة محققون اتضحت أدلتهم وظهرت محجتهم، على أنه ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه رفعه: "ليس الجماعة بكثرة الناس، من كان معه الحق فهو الجماعة وإن واحداً". اهـ

ويؤيد هذا المعنى ما روي عن أبي الدرداء وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك قالوا: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ونحن نتمارى في شيء من أمر الدين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015