المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم. وبالله التوفيق.

قوله: وليس محل الاستدلال الرؤيا فإنها لا تثبت بها الأحكام لاحتمال حصول الاشتباه على الرائي كما تقدم ذلك، وإنما محل الاستدلال كون العلماء استحسنوا الإتيان بما تقدم ذكره، وذكروا في مناسكهم استحباب الإتيان به للزائر.

أقول: استحسان جميع علماء الأمة ممنوع، وأما استحسان بعض العلماء فلا تثبت به الأحكام، كما أنها لا تثبت بالرؤيا، على أنه لو ثبت استحسان جميع علماء الأمة فكونه مجمعاً عليه بالإجماع الاصطلاحي محل كلام، وبعد تسليم إمكان الإجماع الاصطلاحي فكونه حجة شرعية غير مسلم، والأحاديث الدالة على حجيته قد تقدم الكلام عليها، على أن كونها دالة على حجية الإجماع أيضاً منظور فيه.

قوله: وقال العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم: وروى بعض الحفاظ عن أبي سعيد السمعاني أنه روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه أنهم بعد دفنه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام جاءهم أعرابي فرمى بنفسه على القبر الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام.

أقول: هذا الخبر ضعيف جداً حتى قيل أنه موضوع، قال في الصارم المنكي: فإن قيل قد روى أبو الحسن على بن إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن الكرخي عن علي بن محمد بن على حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم الطائي قال حدثني أبي عن أبيه عن سلمة ابن كهيل عن أبي صادق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثى على رأسه من ترابه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك، ووعيت من الله عز وجل فما وعينا عنك، وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} وقد ظلمت نفسي وجئتك لتستغفر لي، فنودي من القبر أنه قد غفر لك.

والجواب أن هذا الخبر منكر موضوع، وأثر مختلق مصنوع لا يصلح الاعتماد عليه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015