أزيد تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم وأكثر اتباعاً له وأشد حباً له صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، وقد نقلنا عبارة الصارم المنكى في ذلك الباب، فتذكر.

قوله: والحاصل كما تقدم أن هنا أمرين: (أحدهما) وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ورفع رتبته عن سائر المخلوقات، (والثاني) إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وأفعاله عن جميع خلقه.

أقول: في هذا الحصر نظر ظاهر كما تقدم من أنه لابد هناك من أمر ثالث، وهو عدم إحداث ما ليس من أمر الدين مما لم يأذن به الله ورسوله، بل من أمر رابع وهو إفراد الله تعالى وحده بجميع أنواع العبادة سواء كانت اعتقادية أو لفظية أو بدنية، بل من أمر خامس وهو الاجتناب1 عما نهى الله ورسوله، ويمكن إدخال الرابع في الخامس، فمن أحدث في التعظيم ما ليس من أمر الدين فقد صار مبتدعاً ضالاً، ومن جعل فرداً من العبادة لغير الله كالدعاء والاستغاثة والنذر والنحر فقد أشرك كالمشركين السالفين، فإنهم لم يعتقدوا في مخلوق مشاركة البارئ سبحانه وتعالى في شيء من الذات والصفات والأفعال، بل عبدوهم لأنهم يقرّبونهم إلى الله زلفى، وأنهم شفعاء عند الله، ومن أتى ما نهى الله عنه ورسوله فقد صار فاسقاً عاصياً.

قوله: وأما من بالغ في تعظيمه بأنواع التعظيم ولم يصفه بشيء من صفات الربوبية فقد أصاب الحق، وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعاً.

أقول: فيه خلل واضح، وفساد فاضح، فإن من أنواع التعظيم ما هو شرك كالسجود لقبره صلى الله عليه وسلم والطواف به والنحر له والنذر له، ومنها ما هو بدعة، ومنها ما هو منهي عنه، وليس في شيء منها الوصف بشيء من صفات الربوبية، فكيف يقال لمرتكبها إنه أصاب الحق؟

قوله: وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء لغير الله تعالى يجب حمله على المجاز العقلي، ولا سبيل إلى تكفير أحد من المؤمنين، إذ المجاز العقلي مستعمل في الكتابة والسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015