ولم تقدروا إلى اليوم أن تردوا عليه كلمة واحدة مما قال، وما زدتم على قولكم لم يعرف أغراضنا، ولا وقف على مرادنا، وإنما تكلم على وهم، وهذا رضي منكم بالعجز والكلول.
ثم قال: حدثنا هل فصلتم قط بالمنطق بين مختلفين، أو رفعتم به الخلاف بين اثنين، وأنت لو عرفت تصرف العلماء والفقهاء في مسائلهم، ووقف على غورهم، وغوصهم في استنباطهم، وحسن تأويلهم، وسعة تشقيقهم للوجوه المحتملة، والكنايات المفيدة، والجهات القريبة والبعيدة، لحقرت نفسه وازدريت أصحابك، ولكان ما ذهبوا إليه وتابعوا عليه أقل في عينك من السها عند القمر.
ثم عد له أشياء من أغلوطاتهم وقال: ولولا التوقي من التطويل، لسرت ذلك كله، ولقد حدثت عنه بما يضحك الثكلى. ويشمت العدو ويغم الصديق. وما ورث ذلك كله إلا من بركات يونان، وفوائد الفلسفة والمنطق فسأل الله عصمة وتوفيقًا، نهتدي بهما إلى القول الراجع إلى التفصيل، والفعل الجاري على التعديل، إنه سميع مجيب.
انتهت المناظرة مختصرة، ولم أحذف منها إلا ما كان أجوبة مسائل نحوية او نحوه مما لا خطر فيه على المنطق. وقد ذكرتها بحروفها في طبقات النحاة في ترجمة السيرافي.