في المنطق الذي ينصره، والحق الذي لا ينصره، فسأله مسائل أخرى.
فقال متى: لو نثرت عليك أنا أيضًا من مسائل المنطق أشياء، لكان حالك كحالي.
قال أبو سعيد: أخطأت، لأنك سألتني عن شيء، أنظر فيه، فإن كان له علاقة بالمعنى، وصح لفظه، على العادة الجارية أجبت، ثم لا أبالي أن يكون موافقًا، أو يكون مخالفًا. وإن كان غير متعلق بالمعنى رددته عليك. ثم أنت هؤلاء في منطقكم على نقص ظاهر لأنكم تدعون الشعر ولا تعرفونه، وتدعون الخطابة وأنتم عنها في منقطع التراب، وقد سمعت قائلكم يقول: الحاجة ماسة إلى كتاب البرهان، فإن كان كما قال، فلم قطع الزمان بما قبله من الكتب؟ وإن كانت الحاجة قد مست إلى ما قبل البرهان، فهي أيضًا ماسة إلى ما بعد البرهان، وإلا فلم صنف ما يستغنى عنه.؟
هذا كله تخليط وتهويل، ورعد وبرق. وإنما بودكم أن تستغلوا جاهلًا وتستذلوا عزيزًا، وغايتكم أن تهولوا بالجنس والنوع والخاصة والفصل. وتقولوا: الأبنية والماهية والكيفية والكمية والذاتية. ثم تتمطون وتقولون جئنا بالسحر في قولنا، وهذا بطريق الخلف وهذا بطريق الاختصاص، وهذه كلها خرافات ونزهات ومغالق وشبكات، ومن جاد عقله، وحسن تمييزه، ولطف نظره، وثقب رأيه وأنارت نفسه استغنى عن هذا كله بعون الله وفضله، وما أعرف لاستطالتكم بالمنطق وجهًا. وهذا أبو العباس قد نقض عليكم وتتبع طريقكم، وبين خطأكم.