تلك الأحوال العظيمة وبتلاوة القرآن وتصفية القلب. فليت شعري متى نقل عن الرسول عليه السلام وعن الصحابة إحضار أعرابي أسلم وقولهم له: الدليل على أن العالم حادث أن لا يخلو عن الأعراض، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث. وان الله تعالى عالم بعلم وقادر بقدرة زائد على الذات لا هو ولا هو غيره، إلى غير ذلك من رسوم المتكلمين.

ولست أقول لم تجر هذه الألفاظ، بل لم يجر أيضًا ما معناه معنى هذه الألفاظ، بل كان لا تنكشف ملحمة إلا عن جماعة من الأجلاف، يسلمون تحت ظلال السيوف، وجماعة من الأساري يسلمون واحدًا واحدًا بعد طول الزمان أو على القرب. فكانوا إذا نطقوا بكلمة الشهادة علموا الصلاة والزكاة وردوا إلى صناعتهم من رعاية الغنم أو غيرها.

نعم لست أنكر أن يكون ذكر أدلة المتكلمين أحد أسباب الإيمان في حق بعض الناس ولكن ليس ذلك بمقصور عليه وهو أيضًا نادر بل لا ينفع إلا الكلام الجاري في معر ض الوعظ كما يشتمل عليه القرآن. فأما الكلام المحرر على رسم المتكلمين فإنه يشعر نفوس المستفهمين بأن فيه صنعة جدل يعجز عنه العامي لا لكونه حقًا في نفسه، وبه يكون ذلك سببًا لرسوخ العبادة في قلبه: ولذلك لا يرى مجلس مناظرة المتكلمين ولا الفقهاء يكشف عن واحد انتقل من الاعتزال إلى غيره، ولا عن مذهب الشافعي إلى مذهب أبي حنيفة، ولا على العكس. وتجرى هذه الانتقالات بأسباب آخر، حتى في القتال بالسيف. ولذلك، لم تجر عادة السلف بالدعوة بهذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015